العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي
بقلم: د. منى كشيك د. فايزة
عوض
يشغل موضوع النمو اللغوي عند
الأطفال بال الأمهات والآباء والأسرة جميعاً لارتباط هذا النمو بالنمو المعرفي
والفكري للأبناء والأجيال عموماً, فقد دفع الاختلاف بين الأطفال في سرعة تطور
اللغة٬ المشتغلين بالدراسات النفسية إلى تتبع مصادر هذه العوامل التي تؤثر في نمو
اللغة٬ ويتناول المقال الحالي بالدراسة دور هذه العوامل في نمو لغة الأطفال وهي
على النحو التالي:
1ـ العوامل
الوراثية: وتتضمن
هذه العوامل مجموعة من العوامل المرتبطة بالوراثة وهي : أعامل الجنسsex Factor تشير
الدراسات إلى الفروق بين الجنسين في مجال التطور اللغوي٬ حيث كشفت وجود فرق جوهري العوامل
المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم:
د.
منى كشيك د. فايزة عوض ۲۰۱۸/٤/
۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
2/10 لصالح الإناث في
جوانب التطور اللغوي عند الأطفال٬ وأوضحت الدراسات أنه في كل مرة تحث فيها مقارنة
التطور اللغوي لمجموعة من الفتيات ومجموعة الفتيان متكافئة في المستوى الاقتصادي والاجتماعي
والذكاء كانت النتائج لصالح الإناث٬ وتمركزت الفروق على امتداد عمر الإناث والذكور, وذلك مع بداية النطق
للكلمة الأولى أو في طول الجملة أو في الحصيلة اللغوية.
وفيما يتعلق باضطرابات الكلام وعيوبه يبدو واضحاً أنها مألوفة أكثر
لدى البنين أكثر من البنات, ولقد تبين أن البنين الذين لديهم عيوب كلامية مثل
التلعثم يبلغ خمسة أضعاف مما هو عند البنات اللواتي لديهن مثل هذه العيوب, ويشير
ميللرMillerأنه في معظم الأعمار كان كلام البنين أقل وضوحاً وبلغت نسبة الكلام
المفهوم في سن (السنة والنصف38%) لدى البنات٬ في حين بلغ (14%) لدى البنين. وقد فسر كون Cowan سبب هذا
التفوق بأن معظم دراسات الفروق بين الجنسين في الأداء اللغوي كانت قد أجرتها إناث٬
وثبت أن جنس الفرد الذي يطبق اختبارات الأداء اللغوي يؤثر في درجات هذه الاختبارات
كما يؤثر فيها جنس الطفل الذي يطبق عليه هذه الاختبارات٬ لذا فإن كثيراً من
الدراسات التي قررت أن الفرق لصالح البنات في الأداء اللغوي في مرحلة الطفولة
المبكرة قد تكون ناتجة عن حقيقة أن معظم الاختبارات التي طبقت في هذه الدراسات
إنما طبقتها إناث. ويختلف العلماء في تفسير هذه الظاهرة, ويبدو أن اختلافهم يرتبط
بالخلفية العلمية التي ينتسبون إليها٬ فعلماء النفي البيولوجي ينسبون هذه الفروق
إلى عوامل بيولوجية٬ في حين أن علماء النفس الاجتماعيين ينسبونها إلى فروق الظروف
والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل. هذا ما لاحظه العالم لينبرج Luneburgمن أن المخ عند البنات ينضج في وقت مبكر عنه عند البنين٬ خاصة فيما
يتعلق بتمركز وظيفة الكلام في الفص المسيطر على هذه الوظيفة ذلك أن النضج اللحائي
في هذه الحالة يساعد على الإسراع في إخراج الأصوات وكذلك معدل إكساب اللغة٬ و
أوضحت دراسة أخرى تفوق الإناث على الذكور في اللغة المكتوبة والقراءة٬ كذلك أشارت
دراسة أخرى إلى وجود فروق بين الجنسين في أداء النصفين الكرويين للمخ إتقان حروف
الهجاء والفهم القرائي والفهم اللغوي. العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم: د. منى كشيك د. فايزة
عوض ۲۰۱۸/٤/
۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
3/10 بينما أشارت دراسات
أخرى إلى دور العوامل الاجتماعية والثقافية للأسرة, وبينت أن عامل الجنس ليس له
تأثير في الأداء اللغوي بين الذكور والإناث عند تثبيت المستوى الثقافي للأسرة.
وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها العلماء
يمكن القول إنه توجد فروق في الأداء اللغوي بين الجنسين "ذكور وإناث" ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء أسباب اجتماعية٬ حيث
تشجع الأسرة المعاصرة أطفالها على النمو اللغوي وإثراء الأداء اللغوي بصرف النظر
عن جنس الطفل٬ فهي تأمل في أطفالها أن يحققوا الراحة المادية والاجتماعية وأن
يصلوا إلى وظائف مناسبة و مرموقة حتى يتسنى لهم السعادة في معيشتهم.
كذلك
تلعب التنشئة الاجتماعية الحديثة دوراً مهماً في التخفيف من حدة هذه الفروق بين
الجنسين٬ فالآباء الواعون لا يفرقون في معاملتهم بين الذكر والأنثى من الناحية
التعليمية وإثراء الأداء اللغوي٬ بل يهتمون بأطفالهم من أجل النجاح والاستمرار في
السلم التعليمي والأداء اللغوي لقدراتهم ولاستعداداتهم للتعلم. بعامل الذكاءIntelligence Factor من المتفق عليه بين العلماء أن مفهوم الذكاء هو القدرة على حل
المشكلات٬ ويلاحظ أن الأطفال الذين يجيدون التعامل مع حل المشكلات وتناول المجردات
هم الأطفال الذين لديهم قدرات لغوية وعددية عالية.
وقد أشارت نتائج دراسة (نبيلة عواد) إلى
وجود ارتباط موجب بين الذكاء لدى الجنسين وبعض مهارات اللغة٬ ويرتبط المحصول
اللفظي عند الأطفال ارتباطاً عالياَ بنسبة ذكائهم. ويرى علماء التربية وعلماء النفس
أن النمو العقلي للإنسان يرتبط بنموه اللغوي٬ وأنه كلما تطورت لغة هذا الإنسان
ارتقت قدراته العقلية وذكاؤه وتفكيره٬ وأكد (بياجيه )أن الأفكار والمفاهيم تكتسب
من المجتمع لأنه الوسيلة لاكتساب هذه الأفكار والمفاهيم ونموها ونمو المخططات
العقلية المنبثقة والمتطورة عنها في السياق الاجتماعي وهي اللغة٬ لذلك فإن اللغة
في رأي "بياجيه" تساعد الطفل على تصنيف إدراكاته وعلى تثبيتها في ذهنه وعلى
التفكير المستمر في العلاقات الدقيقة بينها٬ كما تدفعه على الابتكار٬ لأن الإنسان
عندما يعبر عن الأفكار والمعارف يركب وينشئ عباراته ضمن عمليات ابتكاريه ذهنية
متميزة٬ فإن من الصعب أن ينمو العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم: د. منى
كشيك د. فايزة عوض۲۰۱۸/٤/
۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
4/10 الذكاء دون نمو اللغة.
تأسيساً عما تقدم اعتبرت المهارات اللغوية
مقياساً مهماً لمعرفة نسبة الذكاء٬ وإن للذكاء دوراً هاماً ليس فقط في بدء عملية
الكلام عند الأطفال٬ وإنما يلعب الدور الأكبر في عمليات اكتساب اللغة عند الأطفال من
خلال التفاعل المستمر للطفل مع البيئة الاجتماعية والثقافية المحيطة به.
ج: عامل النضج والعمر الزمنيMaturation and Chronological
Age Factor تعتمد عملية اكتساب
اللغة إلى حد كبير على النضج البيولوجي٬ حيث تتطلب التطور الملائم لمناطق الدماغ
الخاصة بالكلام٬ والتي تتحكم بآليات ربط الأصوات والأفكار وإنتاج الكلام الذي
يتطلب تناسقاً معقداً إلى حد كبير بين حركات التنفس٬ وحركات الشفاه٬ وحركات
اللسان٬ والفم والأوتار الصوتية.
ودلت الدراسات على أن الطفل الذي تتطور
لديه مناطق الدماغ المهمة للكلام واللغة قبل غيره من الأطفال الآخرين٬ فإنه يتفوق
عليهم في اكتساب اللغة٬ ويستند هذا العامل إلى الطبيعة المتضمنة عملية التطور
النمائي في حد ذاتها٬ أن كل تطور ينعكس بالضرورة في زيادة القدرات والمهارات
المختلفة بحيث تتناسب مع كل مرحلة عمرية.
وتزداد الحصيلة اللغوية كلما كبر الطفل في
السن٬ فنمو الطفل يتوافق نمو المدركات الحسية مع نمو الحركات الكلامية٬ كذلك يزداد
نموه العقلي وتزداد خبرات الطفل وقدراته على التقليد٬ فقد أشارت إحدى الدراسات إلى
أن لغة الأطفال تتغير كمياً من حيث لأطوالها٬ فينتقل الطفل من استعمال كلمة واحدة
إلى استعمال جملة بسيطة وتزداد طول الجملة بتقدمه في العمر.
دالوضع الصحي والحسي للفردSensory position :physical تتأثر مهارة اكتساب اللغة بسلامة الأجهزة الحسية السمعية والبصرية
والنطقية للفرد٬ فكلما كان الطفل العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم: د.
منى كشيك د. فايزة عوض ۲۰۱۸/٤/۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
5/10 أكثر حيوية ونشاطاً
وأكثر سلامة في النمو الجسمي والصحة العامة كلما كان أكثر قدرة على الإكمال بما يدور
حوله٬ فالنشاط يساعد على اكتساب اللغة٬ هذا بعكس الطفل الذي تكون صحته متدهورة
ونشاط محدود. فقد قام سميثSmith بدراسة
مقارنة على مجموعتين من الأطفال تتكون أولاهما من أطفال أصيبوا بأمراض مختلفة في
حياتهم الأولى٬ وتتكون الثانية من أطفال يتساوون مع أفراد المجموعة الأولى في كل العوامل
المختلفة المؤثرة في اكتساب اللغة ما عدا المرض/ ودلت النتائج أن العمر المتوسط
لبدء الكلام يبلغ من (111شهراً) في الجماعة الأولى٬ و(102أشهر9 في المجموعة
الثانية.
ويتضح مما تقدم أن المرض الذي ينتاب الطفل
في السنين الأولى من حياته يؤخر نموه اللغوي إلى حد ما٬ والمرض المتصل بعملية
الكلام تؤثر تأثيراً قوياً في التأخر اللغوي٬ ومن المعلوم أن اللغة ظاهرة تعتمد
على المحادثة٬ وفي كثير من المناسبات إن تطور اللغة صعب جداً عند الأصم ربما بسبب
عدم قدرته على السمع والاستيعاب اللغة المحكية. هـالرغبة في التواصلDesire in communication يعد التواصل أكثر الرغبات التي تدفع الطفل مع الآخرين فيزداد عنده
الدافع لتعلم اللغة٬ ويحب الوقت الذي يقضيه في التحدث مع الآخرين٬ فنلاحظ أن طفل
العائلة كبيرة الأفراد فأصغرهم يتواصل معهم بالحديث والتقليد فيساعده على تعلم
اللغة أكثر من طفل لا يتواصل مع الآخرين أو يكون متواجد جداً بأسرة قليلة العدد و
لا تتكلم كثيراً معه٬ فيفتقد لتعلم اللغة مثل ذاك الطفل. والشخصية:Personality الطفل الذي لا يتمتع بتكيف نفسي سليم٬ يعتبر الكلام على الأغلب مؤشراً
لصحة الطفل العقلية و الطفل الذي يتمتع بشخصية متكيفة يميل إلى التحدث بشكل أفضل
نوعاً وكماً. العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم: د. منى كشيك د. فايزة
عوض ۲۰۱۸/٤/۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
6/10 إن الحالة النفسية
للطفل تؤثر تأثيراً كبيراً في الأداء اللغوي للطفل٬ فالخوف والقلق وحالة الحرمان والجوع
العاطفي والصراعات الأسرية تؤدي إلى جو متوتر٬ وعدم الشعور بالأمان وإلى اضطراب الطفل
فالحالة النفسية التي تنتاب الطفل تؤثر في سائر الوظائف الحيوية بصفة عامة الأداء
اللغوي بصفته خاصة. إرشادات لرعاية النمو اللغوي: ينصح المتخصصون في هذا المجال بما يلي: 1القيام بزيارات ورحلات ترفيهية للأطفال لتشجيع التواصل مع الآخرين. 2الاهتمام بالبرامج
العلمية والإعلامية الموجهة للأطفال. 3تعميق روح الثقة بين الروضة والمدرسة وأولياء الأمور وحل المشكلات
التي يعاني منها الطفل على الصعيد (النفسي الاجتماعي –الاقتصادي –والثقافي). 4دراسة أساليب التنشئة
الاجتماعية وتصحيح مفاهيم طرق التربية الاجتماعية والنفسية وتوعية الآباء على
المشاركة في أنشطة الأطفال. 5تشجيع الأطفال على ممارسة هواياتهم وأنشطتهم التي حرمتهم منها البيئة
الاجتماعية. 6تدريب الأطفال على الاشتراك في التمثيل والعروض المسرحية والحوار
باللغة الفصحى. 7تدريب المعلمين والمعلمات على استخدام مقاييس النمو المختلفة للأطفال
وقياس قدرتهم اللغوية و مدى العوامل المؤثرة في نمو الأطفال اللغوي بقلم: د. منى
كشيك د. فايزة عوض ۲۰۱۸/٤/۲۲ https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/240882.html
7/10 تطورها ونموها. 8تبني نظريات تربوية
حديثة ونظريات نفسية لمعالجة الأطفال تخص المراحل الأولى(رياض الأطفال). 9ملاحقة وسائل الإعلام
والاتصالات التي تتبنى المراحل اللغوية الأولى لطفل . 10ضرورة وضع برامج تأهيلية للأمهات وخصوصاً القائمين على رعاية الأطفال
المتأخرين لغوياً وتوجيههم إلى الأساليب الصحيحة في التعامل مع الطفل والتكلم
اللغة الصحيحة مع.
ليست هناك تعليقات: