تحميل الكتاب

الأحد، 25 فبراير 2018

ما هو الديداكتيك


 



منذ ظهور علوم التربية، والبحث متواصل من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية التعلمية. ولقد استفادت هذه الأخيرة بالفعل، في كثير من جوانبها، مما وصلت إليه الدراسات والأبحاث في عدد من فروع علوم التربية، خاصة ما يتصل منها بشكل مباشر بالفعل التعليمي وبشروط إنجازه. وهكذا تم استثمار معطيات فلسفة التربية في تحديد هدفية التربية وقيمتها وإمكاناتها وحدودها. كما تم استثمار معطيات سيكولوجية التربية في تحديد أساليب التعامل مع المتعلم. وتم كذلك استثمار معطيات سيكوسوسيولوجية التربية في رصد الظواهر السيكوسوسيولوجية السائدة داخل الفصل، ووعي مستوى العلاقات بين المتعلمين والمدرس، وضبط عوامل تحسين مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم ملائمة حقا. وتم أيضا استثمار معطيات سوسيولوجية التربية في إدراك ووعي البعد الاجتماعي الذي يتحكم في العملية التعليمية التعلمية ومختلف التأثيرات التي يحدثها فيها.              
كل هذه الاستثمارات وغيرها، انعكست على العمل التعليمي داخل الفصل، فصار لزاما على الدارسين والممارسين لعملية التعليم، أن يتمثلوا عددا من المفاهيم والتصورات التي تستند إليها الممارسة التعليمية على ضوء الديداكتيك.
 فما هو هذا الديداكتيك ؟ وكيف تم الانتقال من البيداغوجية إلى الديداكتيك ؟ وأي معنى للمنهاج الدراسي، من خلال أسسه ومكوناته، على ضوء الخطاب الديداكتيكي ؟            
تعاريف حول مفهوم الديداكتيك
 
 




على المستوى المعجمي و الموسوعي
تشير بعض المعاجم المتخصصة بأن كلمة الديداكتيك ظهرت كصفة في القرون الوسطى حيث تم إدراجها في معجم Le grand Larousse encyclopédique سنة 1954 و هو كاصطلاح  مشتق من كلمة يونانية الأصل,ديداكتكوس ,ومنحدر من لفظ ديداسكين   Didaskineوتعني "درس" Enseigner, ويقصد بها كل مايوحي إلى التثقيف, أي إلى التزود بالمعارف و الأفكار و المعلومات بهدف بناء الشخصية.
كما قبل اصطلاح الديداكتيك كالحال في الأكاديمية الفرنسية سنة 1835.ويشير أحد الباحثين,بأن اسم الديداكتيكا-كما  هو منطوق به الآن-لم يتم إدراجه لا في Le darmesteter المؤرخ سنة 1888, و لا في لروبير في عشر أجزائه,ولا أيضا  في Le quillet بمجلداته الستة, ولا حتى في لاروس الموسوعة أو في موسوعة لاروس لسنة 1961.
 وفي معجم لروبير سنة1955 وليتري لسنة 1960,ثم إدراج الديداكتيك كفن للتعليم. ما يمكن استنتاجه من هذه التحديات, كون الديداكتيك كان يخلط في مختلف هذه المعاجم بالبيداغوجيا, ما دامت هذه الأخيرة مناطا بها مهمة التأمل و التفكير في الممارسة التعليمية, عكس ما أصبح عليه الديداكتيك حاليا.
      و على مستوى الدراسات التي تنتمي لحقول العلوم الإنسانية ظهرت كلمة ديداكتيك في بعض الأبحاث التربوية سنة .1903 كما إقترحأكبلي سنة 1951, إعادة تجديد الطرائق الديداكتيكية, انطلاقا من تصورات إجرائية للذكاء, و التي تم تطويرها من خلال أعمال "جان بياجي". كما أشار"لاكومب" في الموسوعة العالمية لسنة 1968 باستعمال اصطلاح اليداكتيك كتعبير للبيداغوجيا أو بشكل أخر للتعليم, نفس الملاحظة السابقة نجد في كتيب الطرائق البيداغوجية,أن الديداكتيك كان ينعت به مختلف الطرائق التعليمية التي تتمركز على التلقين و الحشو1979(G.Palmade).
الديداكتيك في : 1640 La grande didactique, Coménieus,  هو فن التعليم، ومجموعة من الوسائل والأساليب التي ترمي إلى استعمال المعرفة، أو العمل على معرفة موضوع ما ، وبشكل عام معرفة اختصاص علمي أو لغة أو فن ...
بروسو : ديداكتيك الرياضيات : تحديدات وتعاليق. 1991.
لايف : تطلق الديداكتيك على كل فعل أو خطوة  يكون موضوعها التثقيف بواسطة التعليم. J.Leife.
لايف : نعني بالديداكتيك مجموعة من المواد والمحتويات الخاصة بالتعليم J.Leife.

وبتحليلنا لمحتوى هذه التعاريف، نجد أنفسنا أمام تحديدات أولية للديداكتيك، لم ترق بعد للمستوى العلمي الذي  سيعرفه هذا العلم في بداية الثمانينات من القرن العشرين – كما سبقت الإشارة إلى ذلك -، خصوصا بعد أن منح لنفسه صفة المساعد الخاص – للمعلم – حتى يتسنى لهذا الأخير تنظيم وضعيات التعلم، تنظيما معقلنا يساهم بشكل أساسي في تحقيق الأهداف البيداغوجية المرتقبة من النشاط التعليمي التعلمي. وفي هذا الإطار يعرف « Lavalle » الديداكتيك: بالدراسة  العلمية لتنظيم وضعية التعلم التي يعيشها من يتربى من اجل الوصول إلى هدف معرفي أو وجداني أو حركي... وأن التنظيم لا يأخذ المعنى الضيق الذي نصادفه بالنسبة للإدارة، بل يعني أن المعلم يكون مسؤولا على تنظيم وتجديد وخلق وضعيات التعلم المناسبة والضرورية، للوصول إلى الأهداف المرغوب فيها، وهذه الأهداف هي التي عمل المدرس إلى ترجمتها إلى أهداف خاصة لكي يجعلها تتلاءم مع متعلميه.
الملاحظة الأولية التي يمكننا استخلاصها من هذا التعريف، هي اعتبار الديداكتيك علما قائم الذات، لا تقتصر  وظيفته على التأمل والتفكير كما هو الشأن بالنسبة للبيداغوجيا، وإنما على البحث والتحليل وصياغة استراتيجيات التعلم بعد عملية التجريب.
ولقد نحى "محمد الدريج" نفس المنحى  في تعريفه للديداكتيك العام باعتباره : "دراسة علمية لمحتويات التدريس وطرقه وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعلم التي يخضع لها التلميذ، دراسة تستهدف صياغة نماذج ونظريات تطبيقية معيارية بقصد بلوغ الأهداف المرجوة، سواء على المستوى العقلي أو الانفعالي أو الحسي الحركي" التدريس الهادف  ص.28.
 وإذا ما قارنا بين التعريفين المقدمين، قد لا نجد ثمة فرق بينهما، أن لم نقل بأن "الدريج" مختلف  التحديدات المعطاة استلهم من تعريف ، Lavalle لاصطلاح الديداكتيك

على المستوى المفاهيمي
·       يستعمل لفظ ديداكتيك أساسا، كمفردات للبيداغوجيا أو للتعليم، بيد أنه ما استبعدنا بعض الاستعمالات الأسلوبية، فإن اللفظ يوحي بمعاني أخرى تعبر عن مقاربة خاصة لمشكلات التعليم. فالديداكتيك لا تشكل حقلا معرفيا قائما بذاته أو فرعا لحقل معرفي ما كما لا تشكل أيضا مجموعة من الحقول المعرفية، إنها نهج، أو بمعنى أدق، أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية. ( Devolay, M. 1991 Lacomb, D. 1968).
·       الديداكتيك هي، بالأساس، تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها، فهي تواجه نوعين من المشكلات: مشكلات تتعلق بالمادة وبنيتها ومنطقها، وهي مشاكل تنشأ عن موضوعات ثقافية سابقة الوجود ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية. فالديداكتيك ليست إذن حقلا معرفيا قائما بذاته، وذلك على الأقل في المرحلة الحالية من تطورها، وقد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقبلا، ومع ذلك، ليس ثمة شك في وجود مجال للنشاط خاص بتدريس مختلف المواد الدراسية. والذي يتطلب بحثا مستمرا قصد تحسين التواصل، وبالأخص، البحث في كيفية اكتساب المتعلم للمفاهيم. (Jasmin, B. 1973).
·       الديداكتيك هي شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس (1972Lalande .A,) وإنها، كذلك نهج ، أو بمعنى أدق ، أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية (Lacombe.D.1968).
أما بالنسبة ل 
B.JASMIN فهي بالأساس تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها ، فهي تواجه نوعين من المشكلات : مشكلات تتعلق بالمادة الدراسي ( وبنيتها ومنطقها .. ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم، وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية .. (JASMIN.B1973) .
* ويمكن تعريف (الديداكتيك) ـ أيضا ـ حسب ( 
REUCHLIN ) : كمجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تساعد على تدريس مادة معينة ( Reuchlin.M.1974 ).
·       الديداكتيك هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي Le séduquant لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي حركي، وتتطلب الدراسة العلمية، كما نعلم، شروطا دقيقة منها بالأساس، الالتزام بالمنهج العلمي في وضع الفرضيات وصياغتها والتأكد من صحتها عن طريق الاختبار والتجريب. كما تنصب الدراسات الديداكتيكية على الوضعيات العلمية، التي  يلعب فيها المتعلم (التلميذ) الدور الأساسي. بمعنى أن دور المدرس هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعلمية تصنيفا يلائم حاجات التلميذ، وتحديد الطريقة الملائمة لتعلمه، وتحضير الأدوات الضرورية والمساعدة على هذا التعلم. ويبدو أن هذا التنظيم ليس بالعملية السهلة، فهو يتطلب الاستنجاد بمصادر معرفية مساعدة، كالسيكولوجيا لمعرفة هذا الطفل وحاجاته، والبيداغوجيا لتحديد الطرق الملائمة. وينبغي أن يقود هذا التنظيم المنهجي للعملية التعليمية التعلمية إلى تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك الإنساني. أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف العقلية التي يكتسبها المتعلم، وعلى مستوى المواقف الوجدانية، وكذلك على مستوى المهارات الحسية –الحركية، التي تتجلى مثلا في الفنون والرياضيات، Lavallée .     
·       علم تطبيقي موضوعه تحضير وتجريب استراتيجيات بيداغوجية تهدف إل تسهيل إنجاز مشاريع. (1) يمكن للديداكتيك أن تكتسي خصائص العلم التطبيقي. (2) باعتبار الديداكتيك علما تطبيقيا فهي تسعى إلى تحقيق هدف عملي (وضع استراتيجيات بيداغوجية). (3) لتحقيق هدفها تستعين الديداكتيك بعلوم السيكولوجيا، والسوسيولوجيا والابستمولوجيا ...الخ.       (4) تسعى الديداكتيك كمجال معرفي متميز لأن تصبح مطبوعة بطابع علمي لأنها: (1) يمكن أن تؤلف نظاما منسجما من المعارف في تحول مستمر بفعل اندماج المعارف القديمة بالمعارف الجديدة. (2) يمكن أن تتمخض عن نتائج إذا ما وضعت تحت الملاحظة المنهجية بواسطة أدوات تقربها أكثر من الدقة والموضوعية. (3) يمكن أن تمتنع عن كل تأمل ميتافيزيقي. (4) ويمكنها، في الأخير أن لا تكتفي بوصف الظواهر والربط بينها فقط، ولكن، يمكنها أيضا تفسيرها. (DEsautels, J. in C.F.P.C.R.P, 1979).              
·       علم مساعد للبيداغوجيا، التي تعهد إليه بمهمات تربوية أكثر عمومية، وذلك لإنجاز بعض تفاصيلها: كيف نستدرج التلميذ لاكتساب هذه الفكرة أو هذه العملية؟ أو تقنية عمل ما؟ هذه هي المشكلات التي يبحث الديداكتيك عن حلها، باستحضار معرفته السيكولوجية بالأطفال وبتطورهم التعليمي. (Aebli Hans).  
·       مادة تربوية موضوعها التركيب بين عناصر الوضعية البيداغوجية وموضعها الأساسي هو دراسة شروط إعداد الوضعيات أو المشكلات المقترحة على التلاميذ قصد تيسير تعلمه. (Broussaut 1983) وعلم إنساني مطبق موضوعه إعداد وتجريب وتقويم وتصحيح الاستراتيجيات البيداغوجية التي تتيح بلوغ الأهداف العامة والنوعية للأنظمة التربوية. (Legende. R. 1988). 
الديداكتيك صفة مرتبطة بما يلي 
·       ارتبطت الديداكتيك في دراستها بعلم النفس ونظريات التعلم والسوسيولوجيا، واستعارت مفاهيمها من علوم ومجالات معرفية أخرى. وكانت حسب (Aebli Hans) علما مساعدا للبيداغوجية. كما أسند إليها دور بناء الاستراتيجيات البيداغوجية المساعدة على بلوغ الأهداف. أما حديثا فقد تطورت الديداكتيك نحو بناء مفهومها الخاص بفعل تطور البحوث الأساسية والعلمية. وبدأت تكسب استقلالها عن هيمنة العلوم الأخرى. وفي المغرب أنجزت العديد من الدراسات والبحوث ذات الطابع الديداكتيكي المهتم بالتفكير في المادة ومفاهيمها، وبناء استراتيجيات لتدريسها، (بنيامنة صالح، 1991).            
·       يهتم الديداكتيكي بمجموعة من المجالات يمكن تحديدها كما يلي: الحقول التي يستمد منها الديداكتيكي المعطيات التي يبحث عنها هي: (1) الحقل السيكولوجي، نظريات التعلم، علم النفس التكويني، علم النفس الاجتماعي، التحليل النفسي. (2) الحقل السوسيولوجي: سوسيولوجيا التربية، أنتربولوجيا التربية،نظرية الثقافة. (3) الحقل الابستمولوجي: (نظريات المعرفة، تاريخ العلوم، المنطق، الميتودلوجيا ...). (4) حقل المادة (اللغة، الرياضيات، الفلسفة، الأدب ...). (5) حقل التربية: التقييم والقياس، نظريات بيداغوجية، فلسفة التربية. (6) حقول أخرى: (نظرية المعلومات والتواصل، السيبرنتيكا، اللسانيات ...) العمليات التي يقوم بها الديداكتيكي هي تحديد إشكاليات متعلقة بوضعيات التعليم والتعلم، وصياغة فرضيات حولها، ثم تصميم استراتيجيات لاختبارها وفحصها تنتهي إلى تنفيذها وتقويمها. وتتصل هذه العمليات بالوضعيات التربوية وعمليات التعليم والتعلم والطرق والأنشطة والوسائل والمناهج والأنظمة ومفاهيم المادة (أسريري، ج، د. 1991).
·       هناك مجالات تربوية وبيداغوجية يمكن اعتبارها موضوعا للممارسة والبحث الديداكتيكيين وهي: (1) تهتم الديداكتيك ببناء الأهداف ويدخل ضمن هذا المجال الصنافات. (2) تهتم الديداكتيك بطرق إيصال المعارف والمهارات والمواقف ورصد الوسائل التعليمية. (3) تهتم كذلك بطرق وأدوات التقويم. (فاتيحي محمد، 1992). 
·       للديداكتيك مجموعة من القواعد تقوم عليها تتحدد في قاعدتين أساسيتين هما: القاعدة الأولى للديداكتيك هي: «انثربولوجيا الطفل» والمقصود بذلك أن الوعي الحديث بخصوصية الطفل يحدد نوعية العلاقة بينه وبين المدرس. وهي علاقة ينبغي أن تراعي فيها أطبيعة الطفل من جهة، ومحيطه الشخصي القريب الذي تتبلور فيه اهتماماته الطفولية من جهة أخرى ... ومن ثم تكون أنثربولوجيا الطفل هذه هي تاريخه الشخصي المرتبط بثقافة الوسط الذي يعيش فيه، وعاداته وأخلاقه، إنها إذن، جملة تصورات ومفاهيم عن الإنسان وكيف ينبغي أن يكون. وبمراعاة هذه الشروط وأخذها بعين الاعتبار يكون الديداكتيكي قد وضع حديدا للمجال الذي ينبغي أن يدور فيه البحث الديداكتيكي. هذا المجال إذن، هو الذي يشكل القاعدة الأولى للديداكتيك. أما القاعدة الثانية للديداكتيك فترتبط بالفينومنولوجيا، والفينومنولوجيا مأخوذة هنا بمعناها اللغوي، ولا علاقة لها بالاتجاه الفلسفي للظاهرانية. ويقصد بها دراسة الظواهر الديداكتيكية، كما تبدو للباحث في الواقع. أي الظواهر التي لها علاقة بالتدريس والتعليم، والتي تتجلى من خلال التفاعلات اليومية بين المدرس والطفل (التلميذ). فالانطلاق من هذه الظواهر يساعد على إعطاء الديداكتيك طابعا أكثر علمية، نظرا لاعتماده على تحليل الوضعيات الديداكتيكية، أي وضعيات التعليم والتعلم ... وعلى هذا الأساس يكون البحث في الديداكتيك يسير في مستويين: مستوى أفقي يتناول دراسة الظاهرة التربوية الممارسة كما تبدو للباحث في الظاهر. مستوى عمودي يتتبع تاريخ الطفل وعاداته وأخلاقه التي يحملها من مجتمعه والتي ترافقه إلى وسطه المدرسي وتؤثر على عملية تعلمه
نستخلص من هذه التعاريف أن الديداكتيك تهتم بكل ما هو تعليمي تعلمي، أي كيف يعلم الأستاذ مع التركيز على:
كيف يتعلم التلميذ؟ ودراسة كيفية تسهيل عملية التعلم، وجعلها ممكنة لأكبر فئة، ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة لفئة التلاميذ ذوي صعوبات في التعليم، وبالتالي فهي دراسة التفاعل التعليمي


تاريخ الديداكتيك
 
 








كلمة (Didactique) اصطلاح قديم جديد ، قديم حيث استخدم في الأدبيات التربوية منذ بداية القرن 17 ، وهو جديد بالنظر إلى الدلالات التي ما انفك يكتسبها حتى وقتنا الراهن ، وفيما سيأتي نحاول تتبع التطور التاريخي لهذا المصطلح بداية من الاشتقاق اللغوي وصولا إلى الاستخدام الاصطلاحي .
 
يقول حنفي بن عيسى، كلمة تعليمية في اللغة العربية مصدر صناعي لكلمة تعليم ، وهذه الأخيرة مشتقة من علّم أي وضع علامة أو سمة من السمات للدلالة على الشيء دون إحضاره.

أما في اللغة الفرنسية فإن كلمة (Didactique)  صفة اشتقت من الأصل  اليوناني (Didaktikos)

وتعني فلنتعلم أي يعلم بعضنا بعضا، و(Didaskein) تعني التعليم ، وقد استخدمت هذه الكلمة في علم التربية أول مرةسنة 1613 من قبل كل من كشوف هيلفج (KHelwig) وراتيش و(Ratich w.) في بحثهم حول نشاطات راتيش التعليمية، وقد استخدموا هذا المصطلح كمرادف لفن التعليم، وكانت تعني عندهم نوعا من المعارف التطبيقية و الخبرات، كما استخدمه كامنيسكي (Kamensky) سنة 1657 في كتابه "الديداكتيكا الكبرى" ، حيث يقول أنه يعرفنا بالفن العام للتعليم في جميع مختلف المواد التعليمية، ويضيف بأنها ليست فن فقط التعليم بل للتربية أيضا.

واستمر مفهوم التعليمية كفن للتعليم إلى أوائل القرن 19 حيث ظهر الفيلسوف الألماني فردريك هيرببارت(FHerbert 1770-1841)،الذي وضع الأسس العلمية للتعليمية كنظرية للتعليم ، تستهدف تربية الفرد ، فهي نظرية تخص النشاطات المتعلقة بالتعليم فقط ، أي كل ما يقوم به المعلم من نشاط ، فاهتم بذلك الهربرتيون بصورة أساسية بالأساليب الضرورية لتزويد المتعلمين بالمعارف، واعتبروا الوظيفة الأساسية للتعليمية هي تحليل نشاطات المعلم في المدرسة.
                        
وفي القرن 19 وبداية القرن 20 ظهر تيار التربية الجديدة بزعامة جون ديوي(JDewey 1952-1959)، وقد أكد هذا التيار على أهمية النشاط الحي والفعال للمتعلم في العملية التعليمية واعتبروا بهذا التعليمية نظرية للتعلم  لا للتعليم  (عبد الله  قلي  ص117-118).



من البيداغوجيا الى الديداكتيك

 
 






مفهوم البيداغوجية La pédagogie:
تتكون كلمة " بيداغوجيا " في الأصل اليوناني، من حيث الاشتقاق اللغوي، من شقين، هما: Péda وتعني الطفل، وAgôgé وتعني القيادة والسياقة، وكذا التوجيه. وبناء على هذا، كان البيداغوجي Le pédagogue هو الشخص المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في خروجهم للتكوين أو النزهة، والأخذ بيدهم ومصاحبتهم. وقد كان العبيد يقومون بهذه المهمة في العهد اليوناني القديم.
فقد أخذت كلمة "بيداغوجيا" بمعان عدة، من حيث الاصطلاح، حيث اعتبرها إميل دوركهايم E. Durkheim: نظرية تطبيقية للتربية، تستعير مفاهيمها من علم النفس وعلم الاجتماع. واعتبرها أنطوان ماكرينكو A. Makarenko(العالم التربوي السوفياتي): العلم الأكثر جدلية، يرمي إلى هدف عملي. وذهب روني أوبير R. Hubert، إلى أنها ليست علما ولا تقنية ولا فلسفة ولا فنا، بل هي هذا كله، منظم وفق تمفصلات منطقية.
والملاحظ أن هذه التعاريف، وكثير غيرها، تقيم دليلا قويا على تعقد " البيداغوجيا " وصعوبة ضبط مفهومها، مما يدفع دائما إلى الاعتقاد أن تلك التعاريف وغيرها، ليست في واقع الأمر سوى وجهات نظر في تحديد مفهوم " البيداغوجيا ".
لذا، من الصعب تعريف " البيداغوجيا " تعريفا جامعا ومانعا، بسبب تعدد واختلاف دلالاتها الاصطلاحية من جهة، وبسبب تشابكها وتداخلها مع مفاهيم وحقول معرفية أخرى مجاورة لها من جهة أخرى. ولعل هذا ما يبرر سعي كل من غاستون ميالاري G. Mialaretوروبير لافون R. Lafon، إلى استعمال قاموس لغوي، يحاول أن يغطي ميادين متعددة متداخلة فيما بينها تداخلا شديدا. وهذا ليس بغريب، ما دامت علوم التربية لا تزال قائمتها مفتوحة لاستقبال علوم أخرى. ولكن الفعل والممارسة لا يستطيعان انتظار استكمال القواميس واستقراء المعاجم. ولهذا الاعتبار، نأخذ بوجهة نظر التي تميز في لفظ " بيداغوجيا " بين استعمالين، يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما:
* إنها حقل معرفي، قوامه التفكير الفلسفي والسيكولوجي، في غايات وتوجهات الأفعال والأنشطة المطلوب ممارستها في وضعية التربية والتعليم، على الطفل و الراشد.
* إنها نشاط عملي، يتكون من مجموع الممارسات والأفعال التي ينجزها كل من المدرس والمتعلمين داخل الفصل.
هذان الاستعمالان مفيدان في التمييز بين ما هو نظري في البيداغوجيا، وما هو ممارسة وتطبيق داخل حقلها.
مفهوم الديداكتيك La didactique:
تنحدر كلمة ديداكتيك، من حيث الاشتقاق اللغوي، من أصل يوناني didactikos أو didaskein، وتعني حسب قاموس روبير الصغير Le Petit Robert، " درٌّس أو علٌّم " enseigner. ويقصد بها اصطلاحا، كل ما يهدف إلى التثقيف، وإلى ما له علاقة بالتعليم. ولقد عرف محمد الدريج، الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية التعليمية "، كما يلي: " هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها المتعلم، قصد بلوغ الأهداف المنشودة، سواء على المستوى العقلي المعرفي أو الانفعالي الوجداني أو الحس حركي المهاري. كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف المواد. ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة " أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد) أو " منهجية التدريس "(المطبقة في مراكز تكوين المعلمين والمعلمات)، في مقابل التربية العامة (الديداكتيك العام)، التي تهتم بمختلف القضايا التربوية، بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة ".
ورغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات فإن معظم الدارسين المهتمين بهذا الحقل، لجئوا إلى التمييز في الديداكتيك، بين نوعين أساسيين يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما:
الديداكتيك العام: يهتم بكل ما هو مشترك وعام في تدريس جميع المواد، أي القواعد والأسس العامة التي يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه المادة أو تلك بعين الاعتبار.
الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد: يهتم بما يخص تدريس مادة من مواد التكوين أو الدراسة، من حيث الطرائق والوسائل والأساليب الخاصة بها.
لكن هناك تداخل وتمازج بين الاختصاصين، بل لابد من تضافر جهود كل الاختصاصات في علوم التربية بدون استثناء. إن التأمل في أي مادة دراسية، تجرنا إلى اعتبارات نظرية شديدة التنوع: علمية، سيكولوجية، سيكوسوسيولوجية، سوسيولوجية، فلسفية وغيرها. كما تفرض علينا في الوقت ذاته، العناية ببعض الجزئيات والتقنيات الخاصة، وبعض العمليات والوسائل التي يجب التفكير فيها أولا عند تحضير الدروس، ثم عند ممارستها بعد ذلك. فلا بد من تجاوز الانفصال والقطيعة بين النظريات العامة والأساليب العملية التطبيقية. فعلينا كمدرسين، ألا نحاول الوصول إلى أفضل الطرق العملية فحسب، بل نحاول أن نتبين بوضوح، ما بين النتائج التي نتوصل إليها عند ممارسة الفصل الدراسي، وبين النظريات العامة من علاقة جدلية.
الانتقال من البيداغوجية الى الديداكتيك
من الضروري أن نقيم تمييزا واضحا بين البيداغوجيا التجريبية و الديداكتيك. فلقد اعتاد البيداغوجيون أن يستندوا في بناء فرضياتهم على نظريات سيكولوجية، و خاصة النظريات التي تهتم بالنمو العقلي أو الوجداني أو النفسي - الحركي للأطفال. و بذلك ظلت البيداغوجيا وفية، في معظم أبحاثها، لجذورها الاشتقاقية ( طفل = (peidos و تدل على ذلك حتى الشواهد التاريخية التي أتينا على ذكرها سابقا. و إذا كنا قد تحدثنا في نفس السياق عن التفكير الديداكتيكي فقد حرصنا على استعمال لفظة تفكير،متحاشين بذلك، الحديث عن الديداكتيك كعلم
و واضعين في عين اعتبارنا،و لو بطريقة ضمنية، أن كل اقتراح  بيداغوجي، حتى و لو انطلق من تصور سيكولوجي، هو في ذات الوقت  اقتراح ديداكتيكي، و أن العلاقة بينهما هي، بالضبط علاقة الجزء بالكل.
البيداغوجيا التجريبية هي إذن ديداكتيك،  ينقصها جزء مهم، وهو التساؤل الإبستمولوجي حول طبيعة المعرفة، أي محتوى التعلم. إذ لا يكفي تقديم طريقة في التدريس أو في  تنظيم و بناء المقررات… معتمدين في ذلك فقط  على السؤال " كيف يتعلم الشخص ؟ " و لكن لابد من طرح  السؤال المكمل " و ماذا يفرض تعلم المعرفة من أدوات و مناهج و وسائل؟"   بل و لربما امتدت التساؤلات إلى السياق السوسيوثقافي الذي تجري فيه  عملية التعلم ذاتها .
و حتى تصبح الديداكتيك علما، بالمعنى الحقيقي للكلمة كان لا بد  من أن يحاول الباحثون أن يؤسسوا أبحاثهم، ليس فقط على التقليد أو النزعة الاختبارية ، و إنما على مقاربة عقلانية للأسئلة  المطروحة … مقاربة معتمدة على متن من الفرضيات البيداغوجية مقاربات إبستمولوجية و سيكولوجية
و ربما لن يكون ذلك كافيا، لتأسيس هذا العلم الذي يحاول وضع نماذج و طرائق لتدبير النشاط العليمي- التعلمي بل لابد أن ينضاف إلى ذلك كله،  حس تجريبي لفحص الفرضيات و إثبات صلاحية الطرائق و النماذج و التقنيات الموضوعة أو المقترحة. و لكي تكتمل الصورة على هذا النحو، كان لا بد من الانتظار إلى حدود الستينات من القرن العشرين، حتى يصل البحث الديداكتيكي إلى مستوى محترم من النضج العلمي و يتم  الاعتراف به من الناحية المؤسسة الأكاديمية، و ليس في هذا القول أي اقصاء للاعمال العلمية ذات الطابع الديداكتيكي التي قام بها ممهدون من أمثال Meunann و لاي lay منذ نهاية القرن التاسع العشر، أو معاصرون من أمثال تورندايك و غيرهم. و لكن لابد من التأكيد هنا على النزعة  التجريبية المغالية لهذه الأعمال و ما تلاها،و على اقتصارها في بناء الفرضيات الديداكتيكية المختلفة على النماذج و التصورات السيكولوجية  بالدرجة الأولى
les connaissances scientifiques, (1983) cité par Astolfi , la dédactique des sciences, (1989) .6.
روافد الديداكتيك
 
 



الرافد الإبستمولوجي :
ينطوي أي نشاط تعلمي على بعدين رئيسيين : البعد الأول يتمثل  في نشاط فاعل له من القدرات و الاستعدادات المختلفة ما يؤهله لإقامة  تفاعل محدد مع أي موضوع خارجي. أما البعد الثاني فيتجلى في وجود  محتوى دراسي منظم و مهيكل و منتقى ليشكل موضوع التعلم المقترح.     
و يحدث التعلم في الوقت الذي يجري فيه تفاعل منهجي بين الطرفين،   المتعلم و المحتوى، في سياق وضعية معينة و تحت إشراف وسيط  médiateur محدد المواصفات. 
و منذ أن برزت الديداكتيك، سواء في منحاها الفلسفي التقليدي1 أو  صيغتها العلمية الحالية، غلب عليها الاهتمام بتحليل العلاقة بين نمط  المعرفة، و أساليب المتعلم في اكتسابها، و فرض عليها هذا الاهتمام توثيق  الصلة بينها و بين بعض التخصصات العلمية الأخرى و على رأسها:  الإبستمولوجيا و السيكولوجيا.
يشرح استولفي Astolfi هذه القضية عندما يؤكد أن : "بروز الديداكتيك بقي مرتبطا بتحليل تفاعلي لمعطيات سيكولوجية و إبستمولوجية، ليتوقف تطور هذا التحليل على الطريقة التي يشغل بها  مفاهيمه التي اقتبس بعضها من مجالات قريبة فخضع لتعديلات ضرورية و تم وضع البعض الآخر في الإطار الجديد للديداكتيك ".
إن ما جعل الديداكتيك ترتبط بالإبتسمولوجيا هو بالذات حاجة  الباحثين في هذا المجال إلى التعرف على البنيات الداخلية للمعارف العلمية و الوسائل الموظفة في إنتاجها و الكيفية التي تتطور وفقها  مفاهيمها و مناهجها. و الحاجة إلى ذلك نابعة من ضرورة وضع و تجريب  نماذج و برامج و طرق تدريس تستند إلى تحليل إبستمولوجي غير قابل  للتجاوز للقيام بالمهام المذكورة .
و ربما كانت المفاهيم الباشلارية من أهم المفاهيم ( هناك أيضا  مفاهيم النظريات التكوينية و المعرفية في مجال السيكولوجيا) التي ألهمت  الديداكتيكين و كمنت وراء العديد من فرضياتهم و نماذجهم التحليلية 
و التجريبية. و الواقع أن المرء لا ينبغي أن يندهش لنفاذ المفاهيم المذكورة و ثرائها المعرفي، لأن صاحبها كان على وعي تام بأنه يبحث في  الإبستمولوجيا و التربية ماثلة بين عينيه.
يقول باشلار في هذا الصدد :
" لقد أثارني على الدوام كون مدرسي العلوم … لا يفهمون بأن  الفهم قد لا يتحقق. فقليل منهم قد تمكن من العيش في سيكولوجيا الخطأ  و الجهل و انعدام التفكير …
(Bachelard . G. Formation de l’esprit scientifique, (1979) ^18.)
لقد كان الرجل واعيا بالارتباط اللازم بين التفكير الديداكتيكي و التحليل الإبتسمولوجي للمعرفة، أكثر من ذلك، كانت نظرية باشلار مدمجه لنوع ما من التفكير السيكولوجي، الرجل الثانية التي يقف عليها البحث الديداكتيكي، فهو لم يتوقف طيلة مشروعه الإبستمولوجي من الترديد أنه بصدد القيام بتحليل نفسي psychanalyse للعلماء، قصد التعرف على مراحل و لحظات بنائهم للمعرفة، سواء تعلق الأمر بلحظات  النجاح أو لحظات الإخفاق، بفترات الخصوبة أو فترات العقم و التوقف،              
و ما يترتب عن ذلك من تعديلات و تصحيحات في المفاهيم و تجاوز  للأخطاء و إعادة النظر في الوسائل و الأدوات و من تم : 
" يكتسي التحليل النفسي كامل مضمونه: ينبغي التعرف على  الماضي الفكري، و الماضي الوجداني، كما هما، أي كماضي و علينا رسم خطوط التقاطع أو التداخل التي تؤدي إلى أفكار علمية بالانطلاق من جذورها الفعلية كما علينا أن نخضع الديناميكية النفسية التي تسري داخلها  للمراقبة "
على هذا النحو، كانت المفاهيم و المبادئ التي أسندت إليها " عقلانيته المطبقة "  Rationalisme appliquéمن أكثر المفاهيم توظيفا  على مستوى البحث الديداكتيكي، و تكفي الإشارة هنا إلى المفاهيم أو المبادئ التالية :
القانون الثلاثي لحالات الفكر العلمي :
وهو قانون يستعرض الحالات التي يمر منها التكوين الفردي للفكر العلمي و عدد هذه الحالات، تتحدد، كما يرى باشلار  في : 
-          الحالة المحسوسة أو الملموسة حيث يستمتع المفكر باللهو  بواسطة صور أولية حول الظاهرة و تعتمد على قاموس فلسفي يمجد الطبيعة في وحدتها و ثراء تنوعها .
-          الحالة –الملموسة- المجردة يلحق المفكر هنا التجربة الفيزيائية بالأشكال الهندسية و تعتمد على فلسفة تبسيطية. يوجد الفكر هنا في وضع مفارق : بقدر ما يكون هناك يقين بالتجريد، بقدر ما يكون التجريد ممثلا بوضوح بواسطة حدس حسي.
-          الحالة المجردة حيث يستقي الفكر العلمي معلومات بشكل إرادي من الواقع الفعلي فيفصلها بقصد عن التجربة الآتية في جو من " النزاع " مع الواقع الأولي الذي يفتقد دوما إلى الصفاء.
مفهوم القطيعة الإبستمولوجية :
مفهوم انتشر بشكل واسع في أوساط العلماء و المفكرين من مختلف المشارب و التخصصات. و يشير، في معناه باختصار إلى أن التطور الذي تعرفه المفاهيم و النظريات العلمية، لا يسير وفق مسار خطى، تكمل فيه النظرية أو المعرفة الحالية سابقتها، بل إن التطور يأخذ معنى أو صيغة قطائع و طفرات كيفية يتغير  فيها السؤال و يعاد النظر فيها، في المعلومات و الأدوات و المناهج و النماذج التحليلية أو التجريبية.  و بذلك يصبح الاكتشاف العلمي، وفقا، لهذه الرؤية، تصحيحا لما شاع من معارف و معلومات سابقة حول ظاهرة معينة أو موضوع محدد : الثقافة العلمية تصحيح يقطع مع الثقافة المشاعة Vulgaire.و غير خفي نوع التأثير الذي مارسه هذا التصور على    البحث الديداكتيكي الذي انبرى يبعث عن أشكال الانقطاع أو الاتصال بين الثقافة المشاعة التي يحملها المتعلم و الثقافة العلمية التي ترغب المدرسة في تكوينها لديه .
الرافد السيكولوجي  :
الاتصال حدث منذ زمن ليس بقريب، فالتعامل تربويا مع المتعلم  في الفكر الديداكتيكي، سبق التعامل مع المعرفة الملقنة على الأقل فيما يخص معظم التجارب البيداغوجية التي اقترحها المفكرون و بعض  الفلاسفة كنماذج ينبغي العمل على منوالها للقيام بمهمة التدريس. 
و لسنا في حاجة هنا للعودة إلى التاريخ لذكر هذا الاتصال الذي  حدث بين السيكولوجيا و الديداكتيك، و خاصة في طورها ما قبل العلمي لدينا على سبيل المثال : اقتراحات روسو و فروبل و ماريا مونتيسوري و ديوي و ماكارينكو … و غيرهم. 
و قبل أن نتطرق على أهم المفاهيم السيكولوجية التي كونت أرضية انطلق منها البحث الديداكتيكي، لا بد من الإشارة إلى أن أسئلة  الديداكتيكي. هي أسئلة تهم مجالا تطبيقيا أي مجال الممارسة التربوية  و لذلك فهو في حاجة إلى تقديم نماذج و أدوات للاشتغال أكثر من حاجته إلى بناء نظريات تفسيرية كبرى. و مبررات لجوءه إلى السيكولوجيا تمليها، على الأقل، ضرورتان :
I-       ضرورة التعرف على الكيفية التي يتعلم بها الفرد و التي يكتسب من خلالها معارف و خبرات و كفايات و مواقف و استراتيجيات …
II-    ضرورة التعرف على الشروط  النمائية  développemental التي تحيط بعملية التعلم و تتحكم في سيرورتها و مجرياتها  المختلفة. بعبارة أخرى، يحتاج الديداكتيكي في عمله، إلى تحليلات و تفاسير مستقاة من نظريات التعلم (سيكولوجيا التعلم  و إلى جانبها يحتاج، أيضا، إلى ما توصلت إليه سيكولوجيا النمو  من نتائج و حقائق تعينه على صياغة فرضايته و تصوراته على مستوى الممارسة التربوية.
و لاختصار علاقات الديداكتيك بالسيكولوجيا نقترح الاستئناس  بما سيرد في الجدول التالي :
 
السيكولوجيا
الديداكتيك

مجال الدراسة

التركيز  على المواضع التالية :
        · سلوكات الفاعلين  في الوضعيات المختلفة  .
        · تأثير  التعلم على التصرفات.
        ·  العمليات  الذهنية  الموظفة في التعلم  .
        · الأبعاد  النمائية للتعلم 
        · دور  الآليات الوجدانية 
و الانفعالية و الحسية 
و الحركية  في التعلم 
        · التركيز حول  :
1. المنهجيات الضرورية  لاكتساب المحتويات  .
2. بناء و وضع نماذج لفهم  التعلم على أساس الأبعاد التالية: 
        · البعد السيكولوجي
        · البعد  الاكسيولوجي
        · البعد  الإبستمولوجي 
        · البعد السيكولوجي التعلمي 
الموضوعات  الخاضعة للدراسة
        · ما هي الأدوات العقلية  المستخدمة في بناء المعرفة  أو اكتسابها .
        · توضيح القدرات 
و العمليات المستخدمة .
        · التعرف على الاهتمامات  و الحاجات المتنوعة للشخص و صلتها بالـمتعلم. 

        · تحليل  الانتاجات اللفظية أو المكتوبة للوقوف  على الآليات الموظفة.
        · دراسة  مختلف الوضعيات التعلمية 
و تأثيراتها  على سلوكات 
و تصرفات المعلمين 
على مستوى  المنهجية  أو المنهجيات
بالنسبة للسيكولوجي أي مجال  أو فضاء تجريبي يوفر فرص  معاينة و ملاحظة العلاقات  بين الفرد و المحيط  الخارجي. 
و الهدف هو  التعرف على الشروط الداخلية و الخارجية  و كيفية التفاعل القائم بينها حين الاكتساب و التعلم. 
بالنسبة للديداكتيكي يتمثل هذا الفضاء أساسا في الفصل الدراسي، الذي يوفر بعض  الشروط  لإعادة إنتاج الشروط  "المكانية و الزمانية" لبناء  المعارف أو إعادة  بنائها.

فضاء جمع المعلومات و رصدها
النظريات المعرفية و البنائية في السيكولوجيا المعاصرة.
تصور  يعتمد أساسا على أطروحات"البناء المعرفي" (التعلم) 

التصورات النظرية





في هذا الجدول يتضح حجم أو مقدار اعتماد الديداكتيكي على التحليلات السيكولوجية سواء تعلق الأمر بمجال وضع نماذج للتدريس أو بناء وضعيات تعلمية أو بحصر تأثيرات التعلم المدرسي على السلوكات أو بغير ذلك من الموضوعات الظواهر المختلفة.
و ربما كانت حاجة ديداكتيك العلوم إلى النظريات السيكولوجية  البنائية و المعرفية أكبر من حاجتها إلى نظريات سيكولوجية أخرى حول الموضوع، و سيتضح لنا ذلك في السطور التالية حينما نتعرض بالدراسة إلى نظرية بياجي أو غيرها من النظريات الأخرى.

التمثلات و العوائق
 
 




التمثلات
لهذا المفهوم أهمية خاصة في مجال البحث الديداكتيكي، لأنه يلقي الضوء على نوعية التصورات الدهنية أو الفكرية القبلية لدى المتعلم،  و التي تدخل في تفاعل مستمر خلال عملية بناء أي مفهوم من المفاهيم العلمية .
و لم يقتصر استعمال هذا المفهوم على الديداكتيك، فقد استخدم  أيضا بكثافة في العديد من التخصصات العلمية الأخرى، و خاصة في إطار  علم النفس الاجتماعي، فقد لجأ إليه الباحث 1S. Moscovici  موسكوفيشي في أبحاثه لإلقاء الضوء على الدور الرئيسي الذي تلعبه  التمثلات البيفردية  interindividuelles في تحديد سلوكات و تفاعلات الأشخاص فيما بينهم داخل جماعة بشرية. و الجدير بالذكر أن هذا التصور قد استقاه موسكوفيشي من الانتربولوجي Lu levy Bruhl الذي وظفه في تحليل ما أسماه بالعقلية البدائية
في تعريفه لـمفهوم التمثلات يؤكد جويلي Jouelet
" إنها شكل من أشكال المعرفة، يتم وضعه و اقتسامه  اجتماعيا و له هدف عملي إذ ساهم في بناء واقع مشترك بين أفراد  ضمن بينية اجتماعية معينة ".
و الجدير بالذكر أن التمثلات يمكن أن تتنوع بتنوع الوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد، و هكذا نجد فرقا واضحا بين التمثلات  إذا انتقلنا من وسط قروي إلى وسط حضري، كما يمكن أن تختلف  باختلاف المنشأ الاجتماعي للأفراد و انتماءاتهم الاجتماعية.
استخدم مفهوم التمثل أو التصور في أعمال بياجي  ليدل على مجموع التصورات الفكرية التي تتكون لدى الذات حول الموضوع من خلال  تفاعلهما المستمر، فهذه التصورات هي بمثابة تأويلات تستند على عملية  تلاءم مع خصائص الموضوع، و بعدها إلى استيعاب " المعلومات " الصادرة عن الموضوع في إطار البنيات الذهنية التي تشكلت في مرحلة ما من مراحل  نمو الفرد / الذات.
و في إطار التحليل النفسي و رد مفهوم التمثل، فقد أثار في مناسبات عدة إلى أن تجاربنا اليومية و الأكثر حميمية تضعنا أمام أفكار  تخامرنا و لا نعرف مصدرها و الكيفية التي نتجت بها.
و قد كتب ميشيل سانر  M Sanner موضحا الوظيفة التنظيمية للاستيهامات fantasmes في بناء المفاهيم، فقوة الصورة و الإشارة توجد  في قلب الفهم الحقيقي للتمثلات. 
يقولSanner ، مبينا الطريق المؤدي إلى فهم التمثلات، أن هذا الطريق يمر عبر رصد مسار التبادلات المستمرة التي تتم على مستوى  الـمخيال، بدون توقف بين للاندفاعات pulsions الذاتية المستوعية assimilatrice من جهة و الحميميات الموضوعية الناتجة و المتعلقة  بالوسط الطبيعي و الاجتماعي "1 من جهة ثانية.
بالنسبة لكل ما سبق، يبدو أن البعد المعرفي للتمثلات هو البعد  الأكثر أهمية من وجهة نظرنا الديداكتيكية، لأنها تشير إلى نوع من النظريات الشخصية التي تمنح للفرد / المتعلم تفسيرا أو تأويلا للظواهر  الملموسة أو المجردة. 
و في سياق العملية التعليمية التعلمية، يمثل حضور التمثلات لدى المتعلم عنصرا أساسيا فهي من العناصر الذي تحدد " أسلوب التعلم " و التي تستدعي الرصد و التوقف بدل الإهمال و عدم الاكتراث .
وظائف التمثلات :
يبدو أن كل الباحثين الذين استعملوا مفهوم التمثل، قد أجمعوا  على أن وجود تمثلات لدى الفرد، هو وجود وظيفي لأنها تتيح له تلبية  بعض الحاجات الأساسية : فلنتذكر هنا الدور الوظيفي الذي أعطاه جان بياجي لـمفهوم المعرفة (تصورا كانت أم سيرورة) و هو الدور التوازني، إذ أنها تمنح الفرد إمكانية التكيف مع محيطه، الشيء الذي يمكنه من تحقيق ما أسماه بياجي بالتكيف الثانوي (النفسي) في مقابل التكيف  البدائي (العضوي).
هذه الخاصية الوظيفية للمثلات برزت أيضا في كتابات Moscovici عندما أكد أن هذه التمثلات تلعب وظيفتان بالنسبة للأفراد،  فهي تتيح لهم من جهة إمكانية تنظيم و ترتيب إدراكاتهم حتى يتمكنوا  من توجيه تصرفاتهم داخل المحيط الذي يعيشون داخله، كما تمكنهم من  جهة ثانية، من إقامة تواصل فيما بينهم من خلال وضع ضوابط لتواصل  تواريخهم الشخصية و الجماعية
أما على المستوى المعرفي، فقد بين دينيسDenis  سنة 1989 أن التمثلات تلعب على الأقل أربعة أدوار أساسية: 
أولا - الحفاظ على المعلومات، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالبنيات و العلاقات. 
ثانيا – كأداة لتخطيط الأنشطة و الأفعال 
ثالثا – تنظيم و تنسيق المعارف.
رابعا – دور التواصل أي الاندماج في أنظمة معقدة كثيرا أو قليلا لتبادل المعلومات.
أما جيوردان و فيشي Giordan et Vecchi فقد أكدا على ثلاثة  وظائف متميزة للتمثلات و هي  :
أولا – وظيفة لحفظ أو الاحتفاظ بالمعارف التي لم يعد من الممكن الوصول إليها بشكل آتي و مباشر. و أهمية هذه الوظيفة  تتجلى في تمكن  الفرد من الحفاظ على المعلومات الضرورية  لمواجهة وضعيات جديدة .
ثانيا – وظيفة التنسيق و التنظيم و تسمح للفرد بإقامة العلاقات المناسبة لكي يسهل عليه تذكرها و إعادة إنتاجها.
و أخيرا، تمكن التمثلاث من تنظيم و بنينة إدراك الواقع تمهيدا  لنشاط معين أو لتوقع  محدد .
كل هذه الوظائف تتحرك و تنشط، في كل مرة، يجد فيها الفرد نفسه مشكلة أو وضعية معينة

كيف تتكون التمثلات ؟
لم يفت الباحثين أن يطرحوا إشكالية تكوين التمثلات، فقد  عكف السوسيولوجيون و السيكو سوسيولوجيون و السيكولوجيون على دراسة هذه الإشكالية لتوضيح الكيفية التي تتكون حسبها التمثلات 
و الآليات المختلفة التي تساهم في تشكلها لدى الأفراد.
ففي أعمال الباحث Moscovici موسكوفيشي، نجد الحديث عن آلتين أساسيتين وراء تكون التمثلات، و هما : 
آلية الموضعةObjectivation  : و يحددها موسكوفيشي بكونها عبارة " تنظيم خاص للمعارف المتعلقة بالموضوع " و هي معارف جزئية تم انتقاؤها من خلال مجمل المعلومات الرائجة مجتمعيا. في مرحلة أولى تتكون لدى الفرد خطاطة من الصور و هنا يتمكن الفرد من تكوين ما يمكن تسميته بصورة  عن المفاهيم  … و عن طريق التطيبع naturalisation المرحلة الثانية للموضعة، تصبح الخطاطة بديهية أي واقعا اجتماعيا  تفصل عن سياقها و تصبح قابلة للاستعمال في سياقات مختلفة و متعددة و تستعصي عن التساؤل و يصل الأمر إلى حد ينسى منعه أنه المصدر الذي ابتدع ذلك التصور أو تلك الفكرة.
آلية  الترسيخ  ancrage : أي " التأثير الذي تمارسه قيمة  مرجعية في تصور جملة من المثيرات " ..
فيصبح الترسيخ  كنسق مرجعي، و بذلك يمثل نوعا من الامتداد لعملية  الـموضعة، فيصبح التمثل هو تلك الشبكة التي يرى منها  الواقع " .
و على هذا الأساس، يمكن القول أن التمثلات تتكون أولا  بالانطلاق من التجارب الشخصية أو الجماعية المعيشة، فتدمج فيما بعد  في حياة الفرد كإطار مرجعي للتأويل، و العمل معا .
أما بالنسبة لجيوردان و فيشي فإن تكون التمثلات المعرفية يتم في سياق سيرورة التعلم لأن :
" الواقع هو منبع ما يراه الفرد، غير أن الواقع يقارب و يقطع  و يشفر و يستثمر وفقا للأسئلة و للإطار المرجعي و العمليات الذهنية للمتعلم الشيء الذي يسمح بتشكيل شبكة للقراءة  قابلة للتطبيق على محيطه ".
الوضع الديداكتيكي للتمثلات
لطالما اعتبرت تمثلات المتعلمين و كأنها مجرد أخطاء ناتجة عن سوء فهم أو انعدام القدرة على الفهم الصحيح، و لذلك تترك جانبا و يخضع المتعلمون " تكثيفا " دراسي حتى يتجاوزوا حاله لسوء الفهم التي يعانون منها .
ديداكتيكيا أصبح أمر التعامل مع تمثلات المتعلمين مسألة في غاية  الأهمية باعتبارها " نظريات " مسؤوله، بصورة أساسية على طريقة تصور و فهم و إدراك المتعلمين لما يعرض عليهم من أنشطة و معلومات و مفاهيم.إنها في الواقع تشكل الفارق الموجود بين المعرفة الشائعة و المعرفة  العلمية.
إن دراسة تمثلات المتعلمين ليست مجرد عملية صادرة عن وجهات نظر شخصية، بل إنها تنطلق أساسا من مواقف إبستمولوجية و إسيوكولولجية محددة، تتخذ في سياقها التمثلات وضعا معينا، إما بكونها أخطاء أي معرفة ما قبل علمية، أو معيقات تحول دون بناء  معارف جديدة، أو معارف أولية قد تشكل أساسا للمعرفة الجديدة .
و أهمية التعرف على الخلفيات الإبستمولوجية للدراسات المهتمة  بالتمثلات تكمن في كونها تفصح إلى حد بعيد عن نوعية المقاربة  الديداكتيكية و البيداغوجية التي ستحدد نمط التعامل معها و مع حاملها، أي الـمتعلم .
و في هذا السياق أبرز أبيمبولا Abinbola(1988) أن هناك مدرستان إبستولوجيتان تميزان أنماط المقاربات الديداكتيكية و البيداغوجية  لمفهوم التمثلات :
أولا – الاختبارية المنطقيةempirisme logique :
و ترى أن المعرفية العلمية تتطور بشكل خطي، فكل نظرية جديدة هي إكمال و تتميم لـما سبقها من نظريات. و الجديد العلمي هو بالدرجة الأولى خلاصة لملاحظات و تجارب متنوعة.
في هذا الإطار، ينظر إلى التمثلات كمعارف دون المعرفة العلمية،  إنها " أخطاء " أو " اعتقادات خاطئة " أو تصورات مخطئة على حد التعبيرات المفضلة لدى الاختباريين. 
و يترتب عن هذا المنطلق من الناحية الديداكتيكية، البحث عن سبل و طرق معينة لتصحيح، مثل تلك التصورات المخطئة الموجودة لدى  المتعلمين و التشبث فقط بتقنيات الملاحظة و التجربة باعتبارها السبل الكفيلة بالوصول إلى المعرفة العلمية الدقيقة .
ثانيا – البنائية  Constructivisme :
المعرفة العلمية تتطور وفق قفزات ثورية تتمثل في إعادة تنظيم داخلي للمفاهيم و التصورات النظرية. و من هنا ينتفي التطور الخطي للعلم  الذي ينطلق من مفهوم تراكم المعرفة، ليحل محله مفهوم البناء أو إعادة  البناء التي يدل على أن تطور العلم هو تطور نوعي يقلب الإشكاليات و يعدلها، و يسفر عن بناءات معرفية جديدة. و بعد التفاعل بين العقل و الواقع، بين النظرية و التجربة، بين الذات و الموضوع، أحد الآليات  الأساسية لبلوغ تلك البناءات .
من هنا، يمكن اعتبار التمثلات، معارف، تستوجب التعامل وفق  موقفين :
·        موقف يعتبرها معارف معيقة لا بد من إعادة النظر فيها أو حتى تحطيمها.
·        موقف ينظر إليها كمعارف جزئية بدائية شائعة قد تعين  على بناء المفاهيم العلمية الجديدة .
و في الترسيمة التالية ملخص للتوجهات الإبستمولوجية إزاء  مفهوم التمثلات مرتبطة بالإختيارات الديداكتيكية و البيداغوجية المترتبة  عنها

العوائق
يندرج هذا المقال في مجال بيداغوجية التدريس و خصوصاً تدريس المواد العلمية. فكيف يمكن أن نقدم عن طرائق و استراتيجيات تدرس هذه المواد؟
فمنذ حقب طويلة، لم يتجرأ أحد على تحديد مشاكل التعليم كعوائق حقيقية. نتكلم دائما عن عدم التمكن من المعرفة عن مشكل ضعف في المستوى، عن شكل قدرة  التلميذ على الاستيعاب خصوصا بالنسبة للتعلمات السابقة، و هكذا ظلت المسألة مجرد وصف لصعوبة تقف حاجزا في تلقين العلوم.
من هنا نستشف أن الواجب فعله، أن تكون جميع الإجراءات التربوية منصبة على نتائج ملموسة تلاءم الأهداف المتوخات من التدريس هذه المواد، فهناك أفكار جدية بخصوص تعليم العلوم: تأليف الكتب المدرسية، طرق التدريس، و لكن  رغم هذا التفكير الجاد، يظل العمل ناقصا على مستوى التمثلات، و تقييم التعبير الكتابي و الشفوي لدى الطلبة، زد على ذلك تحليل الكتب المدرسية فجميع هذه الحيثيات هي التي تؤهلنا للتدريس من خلال العوائق بهدف تحقيق جودة أفضل.
و هنا نحضر مسألة بناء و بلورة مشاريع التعليم و التخطيط لها كمرحلتين أساسيتين لتطوير استراتيجيات فعالة للتدريس.
و المرحلة التي تسبقها هي أولا و قبل كل شيء، ملاحظة و تشخيص المعيقات و التي أن تكون نابعة من المفاهيم التي يراد تلقينها، مما يسمح ببناء استراتيجيات للتدريس ملائمة و ناجحة وراصد لكل معيقات التعليم.
و كل إجراء تعليمي لا يأخذ بعين الاعتبار هذا الطرح، يكون مصيره الفشل فهناك مثلا معيقات تتعلق بالرغبة و الالتزام لدى المتعلم، وهي معيقات غير واردة، رغم أنها تمثل أسباب رئيسية كعائق للتعليم.
نِؤكد مرة أخرى على الأهمية القصوى الذي يكتسبها مفهوم الحاجز أو العائق في المجال النظري و التطبيقي. فالعديد من أعمال باحثين و منظرين اهتموا بهذا الجانب الأساسي في التدريس.
و نذكر على سبيل المثال: بروسو (1989)، فيينو (1986) سيير بينسكا (1989). الذي أوضحوا من خلال أعمالهم أن التعليم الذين يهدف شرح و فهم معرفي يظهر عوائق بالنسبة للذكاء، و سنرصد في أخر فقرة من مقالنا هذا: التوضيح بشكل ملموس التفكير النظري من خلال بعض عناصر التدريس تبين العوائق متعلقة بمقارنة فيزيائية-كيميائية، و حالة ظاهرة طاقية للنبتات الخضراء.
العوائق التي تحول دون التعليم:
تقدم كل معرفة كيفما كان نوعها يصطدم بعدد من المعيقات تحول دون تحقيق تلك المعرفة، نتكلم هنا عن معيق أي عن صعوبة في تعلم مفاهيم متعلقة بمادة معينة. ومن خلال معطيات لعدة أعمال عملية في هذا المجال ومن خلال أبحاث شخصية يمكن أن نقول بأن أنواع المعيقات متنوعة و متشعبة وهناك العديد من النصوص التاريخية التي نؤكد أن ضبط نفس المفهوم بنفس الضوابط العلمية قد احتاج لمجهودات مهمة مكنت من اجتياز العديد من المعيقات تطور المعرفة العلمية.
في الأقسام، يمكن للمتعلمين أن يعبروا عن صعوبات يمكن أن تعترضهم عبر تاريخ مواد أخرى.
في العمل اليومي لتدريس المواد، المعارف تقدم بشكل مغاير، ممنهج و منتظم لكي يتلاءم مع حاجيات التلاميذ و مستواهم العقلي و سنهم، فالمدرس، سواء بشكل صحيح أو خطأ، فهو مجبر على تلقين معارف تمثل اختلافا، في البعض الأحيان كبير جدا، إزاء المعارف الولية فالتبسيط في غالب الأحيان و إعادة الصياغات تصبح تجانب ولا تعكس حقيقة المعارف الأولية في صيغتها الحقيقية. فالمعارف تصبح خارج عن نطاق الواقعي، ما يجعلنا أمام تطور مفهوم مدرسي أو متعلق بمادة ما، و يرتبط هذا المفهوم الجديد بعدد من معيقات التعليم.
لنأخذ مثلا البيولوجيا، فاللغة المستعملة في هذا المجال ليس خاصة بالبيولوجيا فالكلمات المستعملة هي مأخوذة من اللغة العامة التي يمكن أن تستعمل في المجالات عدة. مما يكون عائقا لتطوير الحس لبيولوجي حسب المفهوم الملقن. و زيادة على كل هذا، فالمجال البيولوجيا تظل المفاهيم متجاهلة من طرف الأخصائيين، رغم أنه إذا تم التعمق في هذه المسائل، ستتضح العديد من العوائق التي لا تسمح للتلميذ ببناء مجموعة من المفاهيم العلمية.
ما هي مصادر معيقات التعلم:
إذا أردنا أن نأخذ بعين الاعتبار المعيقات في إطار التعليم لابد من المعرفة، ولو جزئية لمصادر المعيقات، فمن جهة هذه المعرفة تمكن من محاصرة هذه العوائق و من جهة أخرى، تسمح باستعمال أفضل على المستوى التربوي.
و تظل معرفة مصادر هذه المعيقات تحتاج من طرف المدرس كفايات محددة، هذه الكفايات يمكن أن يحمل عليها خلال التكوين في مراكز تكوين المدرسين، وهذا طبعاً ممكن إذا كانت كل عوامل التكوين كلها تجمع على إعطاء هذه الكفايات. وسيكون من العبث القول بأنه من الممكن معرفة كل مصادر المعيقات في التعليم. هذا لا يمنع من تقديم قائمة غير كاملة عن بعض أسباب هذه المعيقات:
* عوائق متعلقة باللغة.
* عوائق متعلقة بالتبسيط للمعرفة و المفاهيم من أجل التدريس.
* عوائق ناجمة عن طبيعة المادة.
*عوائق متعلقة بالمفاهيم الأساسية لفهم concept .
* عوائق متعلقة بالكتب المدرسية.
* عوائق متعلقة بالأمثلة المقترحة من طرف المدرس أو المراجع.
* عوائق ناجمة عن نمط التعلم لدى المتعلم.
* عوائق متعلقة بالإجراءات التربوية لدى المدرس.
بالنسبة للمعيقات على المستوى اللغوي:
يتطلب استخدام اللغة تحمل عدة مفاهيم علمية.
عقبات متعلقة باللغة:
كل تدريس يستوجب لغة تحمل عدة مفاهيم علمية، و هذه حقائق، فمثلا بالنسبة لعلم الإحياء الذي يمثل مجالا معرفياً غير رسمي بشكل تام، و الذي لا يعرف تمثلات رمزية متعددة، بل تظل التمثلات اللغوية تطغى عليه بشكل كبير..، ولهذا تصبح المفردات المستعملة في التدريس ذات أهمية قصوى لتمرير المفاهيم العلمية من طرف المدرسين، و لكن الإشكال الذي يطرح نفسه: هل المدرس له الكفايات الكفيلة بتدريس هذه المفاهيم؟ ومن هنا نستشف أن بعض العوائق تظل رهينة بالخطاب الذي يتبناه المدرس خلال الإجراءات التربوية.
و هناك عوائق أخرى متعلقة بالكفايات المتعلقة بكتابة و شرح المفاهيم العلمية، و هذا يظهر جلياً في أعمال دورنيران و روبير (1991).
·        عقبات متعلقة بتبسيط المعارف من أجل تدريسها:
إن المعارف العلمية تنضبط لتغييرات أساسية لتصبح معرف مواد و قابلة للتدريس. و هذه الأشكال الجديدة للمفاهيم يمكن أن تصبح عقبات للتعلم بالنسبة للمتعلم، رغم أن تغيير المعرفة الرهين بالإنتقال الديداكتيكي ليس المشكل الأعظم، فهو إشكال لا مفر منه لكي تصبح المعرفة في المتناول.
و هناك عمليات تربوية خاصة تقلل عدد هذه المعيقات. هذه العمليات تتمحور حول إجراءات تستنبط المعطيات الأساسية لبناء استراتيجيات و طرائق رهينة بتوفير تدريس في المستوى.
و نحن لا نزعم أننا سنعطي قائمة كاملة بجميع الطرق، و نقدم بعضاَ منها:
- تحليل التاريخ –تحليل مفاهيمي للمعرفة
 – تقييم شخصي للتعلمات السابقة
 – تحليل متعمق للعقبات
 – تحليل التمثلات المتعلقة بالمعرفة المراد تدريسها
– معرفة أساليب التعليم لدى التلميذ تصور و بناء استراتجيات modelisation
 – تحليل المفاهيم القريبة من مجال المادة المدرسة.
·         عقبات متعلقة بطبيعة المعرفة:
إن عملية التدريس و خصوصاً لمدة طويلة يجعلنا نأخذ بعين الاعتبار مسألة تعقد المفاهيم العلمية و هذا ما تؤكده عدة أعمال ديداكتيكية. إذا يظل مجرد تقديم المفاهيم غير كاف، ففي بعض الحالات لكي تتم مقاربة الإشكاليات التي تحيلنا على هذه المفاهيم. و من الطبيعي أن نعرف أن بعض المدرسين لا يعرفون ما هو المفهوم العلمي حسب مدران (1898) و بهذا الخصوص لابد من إجراءات مصاحبة و متكررة لتحدي العقبات المتعلقة بالمادة المدرسة.
·        عقبات نابعة من الكتاب المدرسي:
الكل متفق على الكتب المدرسية تلعب دوراً أساسياً لأنها تظل المرجع ذو الأولوية الكبرى بالنسبة للمتعلم. و لكن التعابير، طريقة التقديم، و الأمثلة المقترحة لتلقين المعارف و المعلومات المدرسية، يمكن أن تكون حاجزاً لإستعاب سهل للمفاهيم التي تقترحها هذه المراجع و كذلك نوعية الأمثلة، و مقابلة مضامين من خلال إشكالات بنفس الوحدة. إن تأليف الكتاب المدرسي و الترجمة الكتابية للمعارف بشكل صحيح، تبقى عملية صعبة جداً، لأنها تستوجب كفايات، لغوية، تربوية، ديداكتيكية و أسلوبية، و كل هذه الكفاءات لا يتوفر عليها المؤلفون دائماً سواء على المستوى القطاع المدرسي أو الجامعي.
و يظل الاستغلال البيداغوجي للمراجع عاملاً أساسياً للتدريس، و لكن شريطة أن ينضبط لنظرة انعكاسية لدى المدرس. و كل هذه التحليلات أساسية لتجعل استعمال المراجع ذات فائدة.
·        عوائق متعلقة بالأمثلة المقترحة من طرف المدرس أو من طرف المراجع المدرسية:
إن تدريس جميع المواد العلمية يستعمل أمثلة للشرح، و طرح الإشكاليات أو سبق حول تطور قبلي لحالة ما. و اختيار أنشطة للتكييف الإجراءات الديداكتيكية ذات الأهمية الأولية لأنها هي التي تتحكم في التعلمات و تطورها. و تظل الأنشطة البيداغوجية منصبة على أمثلة يمكن أن تكون حاجزاً لفهم المعرفة إذا ما لم تؤخذ بعض الإحتياطات من طرف المدرس.
و يجب أن نشير إلى أن التكوين المؤهل من طرف المدرس يمثل مساراً ممكناً للحصول على الكفايات التي تسمح للمدرس لكي يقود بشكل ملائم أنشطة التدريس، و يختار الأمثلة الجيدة.
ü     العوائق المتعلقة بالتمثلات لدى التلميذ أو الأستاذ:
إن التلميذ في المسار الدراسي الرسمي، يحمل معه تمثلات معينة حول مفهوم علمي أو شرح معلومات وهي معارف تستوجب طرقاً خاصة في التعامل معها. لأنها في الحقيقة الأمر معرفة وظيفية و عملية. و بالنسبة للمدرس، فهو يهيء و يبني الوحدات التربوية من خلال تمثلات تتحكم بشكل كلي في أنشطته البيداغوجية المبرمجة. و في كلتا الحلتين، هذه التمثلات تكون مصدراً لعقبات يجب أن ندرك كيف نتعامل معها حتى نؤمن أنشطة بيداغوجية كفيلة بأن توفر للتلميذ معرفة دائمة و ذات معنى.
فمثلا، اعتبار أن المفهوم العلمي هو مفهوم إجرائي، مسألة كذلك إعطاء قيمة manipulation في الأنشطة التعليمية، و لا ننسى اعتماد النهج التحليلي سواء من طرف المدرس أو من طرف المتعلم، هذه كلها عوامل تحكم جودة التعلمات منهجة، و كذلك طبيعتها المتطورة من جهة أخرى.
و نقدم عمل أورلاندي (1994) الذي يسمح بفهم تأثير المفاهيم لدى المدرسين حول الطريقة التجريبية على طبيعة الطرق البيداغوجية المستعملة، و كل المشاريع البيداغوجية التي لا تأخذ بعين الاعتبار هذه المفاهيم ليست سوى خطابات جذابة و لكن غير مقنعة بالنسبة للتلاميذ ولن يكون لها أي تأثير فعال بخصوص كفايات التلميذ، و ذلك لأنها لا تعتمد إدماج المعرفة الملقنة، و كل الأفكار المسبقة و المختارة يمكن أن تمثل عائق حقيقي لاستيعاب المعرفة الجديدة سواء على المستوى المدرسي أو الجامعي.
·        عوائق متعلقة بأسلوب التعلم لدى التلميذ:
ليست كل الأنشطة المقترحة من طرف الأستاذ ملائمة لأسلوب أو طريقة التعلم لدى التلميذ. فبشكل عام، ففكرة المشاريع التعلمية لا تحترم مسألة تعلم التلميذ، مما يحدث عدم تناغم بين الأنشطة المقترحة، بل المفروضة و طرق التعليم لدى التلاميذ، في نفس السياق، يمكن ان نتحدث عن التمثلات اللغوية التي تطغى على المعرفة في حين أن بعض التلاميذ أكثر تقبلا للعروض الرمزية: رياضيات أو أشكال هندسية.
و هذا واضح أكثر بالنسبة للمواد التي تتطرق لعمل أو وصف النظم الطبيعية أو الإصطناعية.
ü     معيقات متعلقة بالإجراءات التعلمية التي يقوم بها الأستاذ:

إن مشاريع التعلم المتبناة من قبل الأستاذ تستند إلى أمثلة و قوالب لفظية، و عبارات، و تمثلات و طرائف بيداغوجية و كذلك و سائل بيداغوجية إلى أخره، و هي مجموعة من الآليات و الوسائل التي تسمح بأجرأة خطط عمل و مشاريع التعلم. و في حقيقة الأمر يظل اللجوء إلى هاته الآليات قصد تسهيل عملية التعليم،  مولداً لعقبات التعلم. و مرة أخرى تبقى جودة تكوين المدرس هي الوحيدة المحددة لطبيعة و عدد العوائق.
و التكوين الذي تلقاه المدرس هو الذي يؤهله لضبط عدد هذه المعيقات، و خلف إجراءات و أنشطة تقضي على هذه العوائق.
نحن لا نقترح هنا تصنيفاً مغلقاً لجميع عقبات التعلم، بل فقط هي افتراضات حول مصدر و طبيعة العقبات التي تعترض الطريق إلى تعلمات ذات معنى و وظيفة، تعلمات مفاهيم عملية هي الهدف من جميع الأنشطة البيداغوجية، طبعاً كل فئة هنا يمكن أن تشكل منطلقاً للتفكير و البحث عن حقيقة نوعية العقبة أو العائق. لا بد من القيام بأعمال و أبحاث تندرج في اطار عقلنة و المصادقة، إن كل محاولة تهدف تعريف العائق للتعلم تتطلب عملا فيه بعض المجازفة لأن صعوبة بناء تعريف يشتمل مجموعة تطبعها اختلافات مهمة بالنسبة للعقبات استيعاب المعرفة، و سيكون من المهم أن نحصر الوظيفة البيداغوجية للمعيقات لكي نستنبط العمليات التربوية المهمة. إن العديد من العقبات هي رهينة بتقديم المعرفة، و لا يمكن تجنبها و لكن إذا كان هناك تكوين أولي ممنهج و مصاحبة حقيقية للمدرس كل هذا سيمكن من فهم عقلاني و كذا تأطير جيد لهذه المعيقات و نؤكد على أن من أهم أبعاد مهنة التدريس إدارة المخاطر المرتبطة بالحواجز التي تعترض التعلم.
أنواع الديداكتيك
 
 





يجب التميز في تعريفنا للديداكتيك، حسب.Legendre بين ثلاث مستويات :
الديداكتيك الأساسية: Didactique.Fondamentale. وهي جزءمن الديداكتيك، يتضمن مجموع النقط النظرية والأسس العامة التي تتعلق بتخطيط الوضعيات البيداغوجية دون أي اعتبار ضروري لممارسات تطبيقية خاصة. وتسمى أيضا  الديداكتيكالنظرية (Legendre.R.1988)
الديداكتيك العامة: وهي التي تسعى إلى تطبيق مبادئها وخلاصة نتائجها على مجموع المواد التعليمية وتنقسم إلى قسمين:القسم الأول يهتم بالوضعية البيداغوجية، حيت تقدم المعطيات القاعدية التي تعتبر أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ؛ والقسم الثاني يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس، بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس
الديداكتيك الخاصة: وهي التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم لمادة دراسية معينة أو ما يطلق عليها ديداكتيك المواد

ديداكتيك مادة العلوم :
Ø    النقل  الديداكتيكي :
منذ أن أدرج ميشال فيري M. Verret مفهوم النقل الديداكتيكي  في أحد مؤلفاته سنة 1975 ، تحول هذا المفهوم ليصبح موضوع اهتمام كبير من طرف المشتغلين بحقل الديداكتيك، فانتشر بالتالي توظيفه بصورة مكثفة في أغلب الأبحاث المنتمية إلى هذا الحقل العلمي الناشئ
يشير النقل الديداكتيكي في إحدى معانيه الأساسية إلى العمل الضروري الذي يقضي بإعادة تنظيم و تصنيف و ترتيب و هيكلة المحتويات الدراسية المستقلة من التخصصات العلمية المتنوعة و ذلك بناء على ما يتطلبه الفعل التعليمي - التعلمي .
و الإشكالية التي يطرحها النقل الديداكتيكي، تكمن، إذا في الكيفية التي تتيح إمكانية الانتقال من معرفة عالمة إلى معرفة للتدريس  و التعلم. و بما أن التحليل أو البحث الديداكتيكي الذي يتوخى النظرة  الموضوعية و الشمولية قد يضع النقل الديداكتيكي ضمن أولياته، فإنه اختار أن يقارب تلك الإشكالية في سياق مثلثه المعروف بالمثلث الديداكتيكي : المعرفة - المتعلم – المدرس. و بذلك، يصبح النقل الديداكتيكي عبارة  عن تحويل فعلي للمعرفة تبتعد فيها عن حالتها الخام، أي كما أنتجت في سياق سوسيولوجي محدد، لتصير مادة مدرسية فتخضع بذلك إلى شروط و قوانين هي، في نهاية المطاف شروط المؤسسة المدرسية كسياق سوسيولوجي مغاير.
إن عمليات النقل الديداكتيكي للمعرفة العلمية إلى فضاء المؤسسة المدرسية، لا يمر دون مخاطر تحمل إمكانية التشويه و التحريف، بل و قد تنطوي هذه المخاطر ذاتها إمكانية معرفة مدرسية لا تعدو أن تكون مجرد جملة من العوائق أمام الإحاطة الفعلية بمختلف المفاهيم العلمية .
إن المعرفة العلمية المقترحة للتدريس، هي في الواقع، معرفة مجردة  عن شروط إنتاجها المؤسسية و الذاتية، فهي، في الأصل، معرفة أنتجت  في أوساط علمية متنوعة كالمختبرات و الجامعات و المعاهد، كما أنها احتاجت في إنتاجها ذاك إلى مجهود فكري و وجداني مبذول من طرف العالم أو مجموعة من العلماء المبدعون لها للوهلة الأولى، بل مر مسار عملهم و جهدهم من فترات نجاح و لحظات إخفاق و توقف مختلفة قبل أن يتوصلوا إلى إخراج ما أنتجوه إلى حيز العلن .
و عندما ينقل المنتوج العلمي ذاك، إلى الحقل التعليمي فمعنى ذلك  أننا نفصله عن كل تلك الملابسات و الشروط التي أحاطت بإنتاجه، فنحن  نقدم المعرفة العلمية إلى المتعلم منظمة و مرتبة على نحو آخر، بحيث تستبعد أو بحذف كل ما يمكن أن يحيل  إلى الأخطاء أو الإخفاقات التي رافقت بناء المعرفة العلمية. 
و على هذا الأساس، تصبح عملية النقل الديداكتيكي مدعوة إلى مراعاة جملة من المعايير و القواعد حتى لا تقع ضحية المخاطر التي أشرنا  إليها سابقا و من بين هذه القواعد نكتفي بالإشارة إلى ما يلي :  اليقظة الديداكتيكية  خاصية الصدق التقيد بالبرمجة التدريجية و هناك على العموم، عددا من المستويات يمكن أن يتم حسبها النقل الديداكتيكي : فهناك على سبيل المثال النقل الديداكتيكي الذي يقوم به المدرس عندما ينتقل من موضوع التعلم إلى موضوع التعليم، و قد يندرج هذا المستوى من النقل، تحت مستوى أعم و نعني النقل  الديداكتيكي الذي يقوم به الديداكتيكي ذاته.
Ø    العقد الديداكتيكي :
يمكن تعريف العقد الديداكتيكي حسب أعمال جي. بروسو Guy Brousseau بأنه :
" مجموع السلوكات الصادرة عن المدرس و المنتظرة من طرف المتعلمين، و مجموع السلوكات الصادرة عن المتعلم و المنتظرة من طرف المدرس. و هذا العقد عبارة عن مجموع القواعد التي تحدد، بصورة أقل وضوحا و أكثر تسترا، ما يتوجب على كل شريك في العلاقة الديداكتيكية، تدبيره و ما سيكون موضوع محاسبة أمام الآخر "
و العقد الديداكتيكي واقع حاصل في كل عملية تعليمية - تعلمية  حتى و إن كانت بنوده غير معلنة أو غير مصرح بها، و قد يمر بصورة  غير ملحوظة إلا في حالة ما إذا في حدث تعثر في عملية التعلم، يفصح عن مدى عمومية العقد الديداكتيكي و مدى فضفاضية بنوده أو استعصائها عن الفهم من طرف المتعلمين
Ø    الآثار الديداكتيكية :
عادة ما يدرج الباحثون هذه الآثار ضمن " انحرافات " المدرس عن العقد الديداكتيكي الـمبرم صراحة أو ضمنا مع مجموع المتعلمين. مهمة المدرس الأساسية هي أن يقود كل المتعلمين إلى التحكم في الأهداف المتوخاة من العملية التعلمية – التعلمية، و لكنه قد يقع، و هو يحرص في بعض الأحيان على مساعدتهم و مدهم ببعض الوسائل التي تسهل الفهم لديهم  أو تتيح نجاحهم في الأداء. في شأن بعض " المخالفات "
·        الاتجاهات الحالية للأبحاث :
لقد أنجزت ديداكتيك مادة الرياضيات٬ إن صح القول٬(المفاهيم العميقة) لعموم الديداكتيكا٬مثل: النقل الديداكتيكي التعاقد الديداكتيكي٬ نظرية الأوضاع الديداكتيكية٬الوضعية- المشكل٬وهي المفاهيم التي تم فحص  انتشارها و استعمالها في الفصل الثاني.
وتشكل الأبحاث التي تم إجرائها بمؤسسات البحث من أجل تعلم الرياضيات في اغلبها تعميقا لهده الورشات مع حرصها أساسا على تشكيل الوسائل الأزمة في نهدا الإطار.وبالفعل٬فان أحسن معنى لمفهوم (هندسة الديداكتيك)٬لا يمكن أن يوجد إلا في مجال الرياضيات.
ويتعلق الأمر بدا بترتيب المناهج:فالتجريب بالأقسام شيء ثابت بالنسبة لجميع المستويات كما إن عملية الإنتاج تتسم بالضخامة.
إن الأبحاث المتنوعة و المتعلقة ب (الأوضاع الديداكتيكية) و بأشكلة (التعاقد الديداكتيكي) ٬ قد تبلورت على أساس هده التيمات أما الأمر الثاني٬فيتعلق بتحديد مجموعة من المفاهيم التالية:
 *جدلية الأداة الموضوع و علاقة التعليم بالتعلم٬فقد يكون نفس المفهوم الرياضي أداة يجد وظيفته العلمية ضمن مختلف المشاكل بحلها قد يكون موضوعا٬ و يصبح في هذه الحالة معطى ثقافي له موقعه داخل صرح أوسع و نعني به المعرفة الرياضية.وفي أوضاع التعلم٬ يستخدم التلميذ مواضيع معروفة كأدوات٬ ويعمل على توسيع حقل تطبيقها كما يعترف بمحدوديتها٬ مما يضطره إلى استعمال  أدوات جديدة .
 *نمدجة مفهوم"الوضعية الديداكتيكية"٬من خلال مفهوم اللعبG.Brousseau)).فاللاعب يوجد في علاقة مع محيطه٬  ويمكن التميز في هدا الإطار بين إستراتيجيتين٬ هما:ا لإستراتيجية الرابحة و الإستراتيجية الخاسرة ٬حيث نعزل مقتضيات الاختيار و القرار و الصلاحية.
و نسجل هنا الاهتمام الذي توليه النصوص التاريخية الرياضية حيث نلتقي الوثائق مسحوبة بالتعليقات عليها.
هكذا٬توضح الرياضيات بشكل تام٬ ما يمكن أن تكون عليه برامج البحث الديداكتيكي أد تقوم بدورة كاملة بدا بإسالة التعلم٬ من الروض إلى الجامعة ٬ ومرورا بالبحث التاريخي و الفلسفي المتعلق بتعدد الاختصاصات.
و قد يعب على الأبحاث في ديداكتيك مادة الرياضيات٬ تفتتها أو تشتتها٬لكن دلك هو الثمن الذي تؤديه هده الأبحاث بسبب وفرتها وغناها.

·       ديداكتيك الرياضيات :
دراسة عملية لسيرورات التعليم و التعلم متعلقة بتدريس الرياضيات قصد تطوير سيرورتها وتحسينها. وتشغيل هده الديداكتيك داخل حقول أربعة : (1  ) البعد الخاص بالمادة الذي يشمل ثلاثة اتجاهات أثرت على التصورات الديداكتيكية هي ا ) اتجاه نحو التوحيد الذي ينظر  إلى الرياضيات كبناء وحيد يضم مفاهيم و سيرورات موحدة  .ب) اتجاه ديناميكي يرفض الرياضيات كبناء مشيد بشكل تابت  وتعويضه بفكرة أن الرياضيات بنية مزية ذات مظاهر منوعة تتغير تبعا لتغيير زاوية نظر الذي يمارسها. ج) اتجاه تطبيقي يحاول أن يجعل الرياضيات مندرجة في النشاط الإنساني الذي يستعين بأدوات التطبيق. ويفيد تعدد هده الاتجاهات إعطاء الأهمية في تدريس الرياضيات  للمحتويات المفهومية  عوض المفاهيم المفصولة اعتمادا على مبدأ الإدماج و التوجيه من حيث البنية. كما أن اختيار المحتوى التعليمي أصبح يهتم بسيرورات الترييص و تكون  المفاهيم و بينها ولم تعد مناهج تدريس الرياضيات مجرد توزيع عشوائي  للمحتويات بل أصبحت تبنى انطلاقا من تيمات كبرى تغطى الحياة المدرسية للتلميذ.(2) البعد البيداغوجي٬ ويتعلق بالتفكير فيا أغراض تعلم الرياضيات و أهدافها مما يدعو الديداكتيكي  إلى ضرورة تكييف الصنافات  حسب مقتضيات تدريس الرياضيات.  (3 ) البعد السيكولوجي٬ و يتعلق الأمر بسيكولوجي التعلم و بالأخص ما يقدمه الاتجاهان السلوكي و الإنساني٬ أد  أقيمت  تصورات عن ديداكتيك الرياضيات تتخذ كقاعدة لها احد الاتجاهين٬ إلا إن اغلب التصورات الحالية  تتبنى النظرية الإنسانية  التي تعتبر البنية  المعرفية للمتعلم.(4) البعد البنائي أو التطبيقي٬ وهو البعد الذي يهتم بالعلاقة بين النظرية و التطبيق آي وضع وحدات للتعلم أو مقاطع التعلم  المكونة لسيرورات التدخلات الديداكتيكية.
)معجم علوم التربية ٬ مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك٬ عبد اللطيف الفرابي٬عبد العزيز الغرضاف٬محمد ايت موحى٬عبد الكريم غريب(

·       ديداكتيك الفيزياء :
دراسة لسيرورا ت التعليم و التعلم متعلقة بتدريس الفيزياء قصد تطوير سيرورتها و تحسينها٬ وقد بدأت ديداكتيك علوم الفيزياء  مند الخمسينات  نتيجة الاهتمام بتدريس العلوم الفيزيائية  قصد منافسة السوفيات  ٬ و قد  تطور هدا البحث  خلال السبعينات حيث أنشئت عدة مختبرات للبحث من اجل تجديد تعليم العلوم الفيزيائية وبناء منهجها  وقد تطور البحث بفضل الأعمال المختبرية و المساهمات الفردية التي أنجزت أعمالا حول الاستدلال التلقائي في الديناميكا الأولية وحول الاستدلال المقطعي والحركي و حول سلوك الخبراء و المبتدئين في حل المشكلات الفيزيائية.
وأظهرت أعمال أخرى استقرار كيفية إدراك المفهوم مثل البحوث حول تصورات مفهوم  و تطور البحث الديداكتيكي في مختلف الجهات. ففي فرنسا تم الاهتمام بعملية بناء و إعادة بناء المضامين التعليمية في طور التحليل الابيستيمولوجي و تقويم برامج التعليم و استقصاء الحالة الحقيقية لمعارف التلاميذ لمهاراتهم و تصوراتهم كيفية استدلالهم.
وفي أمريكا اتجه البحت الديداكتيكي إلى البحت الأساسي من خلال التحليل الابيستيمولوجي والبحت العملي قصد تقديم المساعدة للمدرسين  .
وفي المغرب اتجه إلى تحضير اطروحات حول ديداكتيك العلوم الفيزيائية. ومن الدراسات التي أنجزت في هدا الصدد أعمال حول العوائق الابستيمولوجية عند التلاميذ و الاساتدة وفي الكتب المدرسية و البحت عن التصورات التي تكونت لدى أساتدة العلوم التجريبية في ما يخص عناصر المنهج العلمي و البحث في تمثلات التلاميذ  حول الظواهر الفيزيائية( بن يامنة٬ صالح 1991).
)معجم علوم التربية ٬ مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك٬ عبد اللطيف الفرابي٬عبد العزيز الغرضاف٬محمد ايت موحى٬عبد الكريم غريب(


·       ديداكتيك العلوم الطبيعية :
1-الدراسة العلمية لسيرورات التعليم و التعلم قصد تنظيم هده السيرورة بكيفية تمكن من اكتساب المفاهيم و مواقف تجاه الذات والمحيط الطبيعي و الإنساني.و قد انصبت العلوم الطبيعية على دراسة آليات اكتساب المفاهيم و على المتمثلات و النقل الديداكتيكي مؤسسة نمادج و مبادئ تجريبية تنطلق من حقول متعددة و هي: حقل الابيستيمولوجيا٬ و بالأخص ما يتعلق بتطور المفاهيم و بنائها و العوائق الابيستيمولوجية التي تعوق اكتساب المفاهيم وتكوين معرفة موضوعية و حقل السيكولوجية و بالخص ما يتعلق بتعلم المفاهيم تم حقل البيداغوجيا و ما يتعلق منه بأشكال تدخلات المدرسين و أنشطة التعلم.
2-من أهم توجهات النقل الديداكتيكي في العلوم الطبيعية اعتبار التعلم عملية تغير مفاهيمي عن طريق عمليات تفاعلية تتم بين مكونات الايكولوجية المفاهيمية التي تفيد مجموع النظريات و التغيرات المفاهيمية التي تعبر عن التطور التاريخي للعلوم ٬من منطلق أن هناك توازيا بين اكتشاف العالم للمعارف الجديدة و اكتساب المتعلم لهده المعرف.
و انطلاقا من مفهوم الايكولوجي المفاهيمية٬ يشتغل البحث الديداكتيكي حول الجوانب التالية:( 1) دراسة مكونات الايكولوجيا المفاهيمية (2) انجاز أبحاث تجريبية لربط نتائج الدراسات مع التعلم.(3 ) دراسة الشروط التي تتغير فيها مكونات الايكولوجيا المفاهيمية لدى شخص معين. أن الهدف من هده الإجراءات هو تحقيق أهداف تدريس العلوم الطبيعية التي هي اكتساب المفاهيم و خطوات المنهج التجريبي التي تمكن المتعلم من بناء تصور حول الطبيعية و سيرورة بناء المعارف في مجال العلوم الطبيعية.Zaim-Idrissi,K.1983))
3-تهتم ديداكتيك العلوم الطبيعية بتصورات المتعلمين حول المفاهيم ودلك من مجموعة العلميات:( 1) اعداد وضعيات تؤدي بالتلاميد الى إنتاج خطاب حول مفهوم معين.(2) تحليل الخطابات قصد التوصل الى تحديد العوائق التي ينبغي تجاوزها نحو تصور اكثر تطورا.(3  ) و لتطوير هده التصورات ينبغي اعداد وضعيات ديداكتيكية تتميز بما يلي:
·        توقع وضعيات تتميز بالصراع المعرفي اي صراع مواجهة أفكار التلاميذ و المدرس والوسط.
·        توقع نوع من الصورية عن طريق استعمال وصف إحصائي او رموز رياضية حول بعض المتغيرات.
·        توظيف النمدجة عن طريق جهل التلاميذ يحاولون تنظيم معارفهم بتحديد عدد من المكونات و العناصر الربط بينهما.
·         توقع توظيف معارف المتعلمين قصد إكسابها صلاحية عن طريق إجراء استطلاعات ميدانية تجعلهم يصوغون مشكلات و يقترحون فرضيات ثم يختبرون هده الفرضيات ميدانيا.(4 ) إعداد خريطة المفاهيم  concetptogramme وهي ادات يمكن استعمالها لتخطيط التعليم و تحديد موقع مفهوم بالنسبة لمفاهيم أخرى و تحديد العلاقات التي تجعل منه مفهوما وظيفيا.

)معجم علوم التربية ٬ مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك٬ عبد اللطيف الفرابي٬عبد العزيز الغرضاف٬محمد ايت موحى٬عبد الكريم غريب(


خات



الديداكتيك إستراتيجية تعليمية بمعنى أنه   خطة   ترمي إلى تحقيق أهداف تعليمية. وتواجه هذه الإستراتيجية مشكلات المتعلم . وذلك عن طريق التفكير  في هذا الأخير لهدف تسهيل عملية تعلمه, الشيء الذي لا يمكن أن يتم إلا باستحضار حاجيات التلميذ, و تحديد الطريقة المناسبة لتعلمه, وتحضير الأدوات الضرورية والمساعدة على ذلك.
 الشيء الذي يتطلب الاستعانة بمصادر معرفية أخرى مثل السيكولوجيا ,لمعرفة هذا الفعل و حاجاته, و البيداغوجيا لتحديد الطرق, الملائمة ويرمي هذا التنظيم المنهجي للعملية التعليمية  التعلمية, إلى تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك الإنساني. أي أن نتائج  التعلم   ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف العقلية,  والمواقف الوجدانية, و المهارات الحس- حركية, للمتعلم.
كما أن الديداكتيك كما سبق أن رأينا استراتيجية تفكر في المادة أو المواد وبنيتها المعرفية  .حيث أن ديداكتيك المادة الدراسية تفرض تأملا في المادة التعليمية و صياغة فرضياتها الخاصة انطلاقا مما توفره السيكولوجيا والسوسيولوجيا و البيداغوجيا. ,تفرض أيضا الدراسة النظرية والتطبيقية للفعل البيداغوجي في تعليم المادة. 



المراجع: 




-Laurence cornnet Alin  vergnioux, la didactique en  question Ed. Hachette 1992

عبد مترجم عن. الخطاب الديداكتيكي أسئلة و رهانات اللطيف المودني٬ عز الدين الخطابي٬ تقديم: عبد الكريم غريب. 2003
- معجم علوم التربية ٬ مصطلحات البيداغوجيا و الديداكتيك٬ عبد اللطيف الفرابي٬عبد العزيز الغرضاف٬محمد ايت موحى٬عبد الكريم غريب
تحليل العملية التعليمية. محمد الدريج. منشورات الدراسات النفسية التربوية. 1983.
- الدرس الهادف. محمد الدريج. مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى. 1990.
- معجم علوم التربية. مجموعة من المؤلفين. سلسلة علوم التربية. ع.9 /10. دار الخطابي للطباعة والنشر.1994.
- العملية التعليمية والديداكتيك. سلسلة التكوين التربوي. خالد المير وآخرون. ع.3. مطبعة النجاح الجديدة. 1994.
السلسلة البيداغوجية. محمد لمباشري الخطاب الديداكتيكي بالمدرسة الأساسية بين التصور و الممارسة.
علي شريف بن حليمة ،تعليمية المواد العلمية،مجلة همزة وصل، ، عدد خاص، 1992، ص21)

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: موسوعة علوم التربية 2016 © سياسة الخصوصية تصميم : كن مدون