تحميل الكتاب

الخميس، 22 فبراير 2018

السؤال الشفوي: تقنية للتعليم والتعلم


السؤال الشفوي: تقنية للتعليم والتعلم


تقديم:

في إطار التدريب الميداني ومن خلال زيارة الفصول الدراسية، أتيحت لنا الفرصة للوقوف على مجموعة من الحالات والظواهر التربوية، كانت في كل مناسبة موضوع مناقشات مع السادة المدرسين(ات) و كذا محورا لجلسات التقاسم. تبادلنا كطلبة مفتشين مع السادة المؤطرين وجهات النظر بخصوصها في ضوء التراكمات التي تحققت على مستوى البحث التربوي. و لقد سجلنا في مختلف الفصول الدراسية اختلالا على مستوى أحد جوانب الممارسة التربوية داخل الفصول ، يتعلق الأمر بطريقة توظيف الكثير من المدرسين(ات) لتقنية السؤال بصفة عامة و السؤال الشفوي على وجه التحديد، طريقة تعيق ارساء عملية تعليمية تعلمية قوامها الفعالية و الانصاف. 
يلجأ الاساتذة خلال ممارساتهم البيداغوجية الى تقنية السؤال بصفة عامة و السؤال الشفوي على وجه الخصوص، وذلك في مختلف مراحل العملية التعليمية التعلمية، اعتبارا لأهميتها في تحقيق جملة من الأهداف، حيث يطرح الاساتذة هذا النوع من الاسئلة خلال التقويم التشخيصي من أجل سبر المكتسبات القبلية للمتعلمين و رصد تعثراتهم كما تستعمل الأسئلة الشفوية خلال التقويم التكويني بهدف تحديد مسارات التعلم الفعلية و تعديلها ، وكذلك في فترات التقويم الاشهادي الإجمالي. و اعتبارا لتوظيفات السؤال الشفوي و أهميته في بناء التعلمات و تتبعها و تقويمها فان الاساتذة مدعوون لاستعمال هذه التقنية بطريقة فعالة و منصفة لجميع المتعلمين . وفي هذا الباب يعتبر الاستاذ مطالبا بتمثل أهمية الاسئلة الصفية، أنواعها و الأهداف التي تمكن من بلوغها، و مدعو لامتلاك ثلاث مهارات أساسية : مهارة صياغة السؤال و مهارة طرحه على المتعلمين و مهارة تلقي الاجابة بخصوصه حتى يتحقق استثمار هذه التقنية على اكمل وجه.
أهمية الأسئلة الصفية
تعتبر الأسئلة الصفية ذات أهمية فائقة على مستوى مختلف مراحل العملية التعليمية التعلمية تدبيرا تقويما و معالجة، حيث يمكن توظيفها لأجل تشخيص استعداد المتعلمين لخوض تجربة التعلم و طبيعة مكتسباتهم القبلية و لإثارة دافعية المتعلم و تحفيزه للانخراط في بناء تعلماته، عبر استفزاز تمثلاته السابقة عندما يدرك عدم كفاية هذه الأخيرة لفك طلاسم بعض الاسئلة مما يجعله يقبل على خوض تجربة الاكتشاف وتقليب النظر في موضوع التعلم لاستجلاء بعض الجوانب الخفية التي يمكن أن تساعده في الإجابة. كما تسمح الأسئلة الصفية للمدرس باكتشاف مدى تحقق الأهداف التعلمية و متابعة مستويات التعلم لدى المتعلمين و تبين مواطن تعثراتهم، كما تمكن المتعلمين من تلمس فائدة و معنى مجموعة من التعلمات عندما يتوصلون الى اهميتها في حل بعض المشكلات.
أنواع الأسئلة الصفية
يذكر الباحثون تصنيفات مختلفة للاسئلة الصفية موظفين في ذلك مجموعة من معايير التصنيف فبينما يركز البعض على معيار القدرات المعرفية التي تستدعيها الاسئلة يعتمد اخرون على معايير أخرى، حيث يمكن تصنيف الأسئلة وفق صنافة بلوم الى أسئلة تذكر و أسئلة فهم و أسئلة تحليل و أسئلة تطبيق و أسئلة تركيب و أسئلة تقويم، وتصنف الأسئلة كذلك الى أسئلة تعليمية و أسئلة اختبارية، كما تصنف الأسئلة حسب طبيعة الإجابة التي تستلزمها الى أسئلة مقالية و أسئلة موضوعية.
1- صنافة بلوم
1-1 أسئلة التذكر: لقياس مدى حفظ المتعلم لما سبق له التعرف عليه.
1-2 أسئلة الفهم: لقياس مدى تمكن المتعلم من شرح و تفسير المادة المقدمة له.
1-3 أسئلة التحليل:لقياس قدرة المتعلم على تجزيء الموضوع الى عناصره 
1-4 أسئلة التطبيق: لقياس مدى قدرة المتعلم على تطبيق ما تعلمه في مواقف جديدة
1-5 أسئلة التركيب: لقياس القدرة على جمع العناصر بعضها الى بعض لتشكيل الكل.
1-6 أسئلة التقويم:لقياس القدرة على اصدار حكم بخصوص موضوع التعلم.
2 – الأسئلة التعليمية و الأسئلة الاختبارية
هذا التصنيف يتم وفق الغرض من طرح الاسئلة، بحيث ان بعض الاسئلة يكون الهدف منها مساعدة المتعلمين في بناء تعلماتهم من خلال تحفيزهم و اثارتهم وتوجيهم مسارات التعلم بينما الغرض من النوع الثاني هو تمكين المدرس من اختبار مدى تحقق الاهداف و نجاح المتعلم ، وهكذا فان الاستاذ مطالب من خلال تعاقد ديداكتيكي فعال من جعل متعلميه يدركون وظيفة كل نوع حتى يتجاوزوا كل توتر و ارتباك في مواجهة الاسئلة المطروحة .
2-1 الاسئلة التعليمية:
2-2 الاسئلة الاختبارية:
3 - الأسئلة المقالية و الأسئلة الموضوعية.
يستعمل معظم الأساتذة هذين النوعين من الأسئلة ، ما تجدر الإشارة هو أن المدرس(ة) مدعو لمعرفة أهمية و استعمالات كل نوع ، و مراعاة نوع من التناسب بحيث لا يوظف نوعا و يهمل النوع الاخر.
3-1 الأسئلة المقالية.
3-2 الأسئلة الموضوعية.
أسباب الظاهرة
من خلال مناقشاتنا مع المدرسين (ات) حاولنا تبين أسباب استفحال هذه الظاهرة عبر فحص ما صرحوا به بخصوص الطريقة التي يعتمدونها ، هكذا صرح مجموعة من الاساتذة بانهم يدركون وقوعهم في اخطاء على مستوى الممارسة، الا أنهم يعتبرون أن مجموعة من الإكراهات تحول دون تكريسهم لمجموعة من الممارسات السليمة بخصوص توظيف تقنية السؤال الشفهي ، من بينها الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه الفصول( صعوبة إشراك عدد كبير من المتعلمين)، و الفوارق الهائلة بين مستويات المتعلمين، بالاضافة الى كثافة البرنامج المقرر الذي يقلص هامش الإبداع و المبادرة لدي المدرسين. مدرسون اخرون صرحوا بحاجتهم الى التكوين المستمر و سجلوا ضعف تنشيط الفرق التربوية على مستوى المؤسسات التربوية التي يمكن ان تكون مناسبة للتداول في كيفية تطوير الفعل على مستوى الفصول الدراسية و تبادل الخبرات.
اقتراحات لتجاوز هذه الظاهرة
اعتبارا لأهمية الأسئلة الشفوية في تجويد العملية التعليمية التعلمية، و لما يمكن أن يكون لعدم امتلاك المدرس (ة) مهارة توظيف هذه التقنية على مسار المتعلمين ، حاولنا استجلاء جوانب هذا الموضوع، و قد وقفنا على مجموعة من المبادئ التي يجب أن تحكم عمليات صياغة، طرح الأسئلة و تلقي الإجابة . و فيما يلي أهمها:
أ‌- مهارة صياغة الأسئلة الصفية
إن إتقان المدرس صياغة الأسئلة التي يقرر طرحها على التلاميذ شرط أساسي لتحقيق الأهداف التي سبق أن ذكرناها ، و لأجل تمكن المدرس من هذه المهارة عليه التزام مجموعة من المبادئ الأساسية نذكر من بينها:
- صياغة السؤال بلغة بسيطة في متناول المتعلمين(ات).
- أن لا تكون صياغة السؤال تقبل تاويلات متعددة.
- اعتماد صياغات مختلفة للسؤال الواحد بهدف مراعاة الفوارق الفردية .
- أن تكون صياغة السؤال مثيرة لأكبر عدد من المتعلمين .
- أن لا تكون صياغة الأسئلة توحي بالإجابة.
- أن تكون صياغة السؤال مناسبة لمستوى النمو العقلي للمتعلمين.
- تدريب التلاميذ على صياغة أسئلة شفهية ( لعب أدوار ) ذات صلة بموضوع التعلم.
ب- مهارة طرح الأسئلة الصفية
لأجل استثمار أفضل لتقنية السؤال- و بالتحديد السؤال الشفهي- يفترض طرح الاسئلة الصفية بطريقة تراعي جملة من المبادئ نذكر من بينها:
- استثمار فضاء القسم بشكل ملائم أثناء طرح الاسئلة، بحيث لا يلزم المدرس مكانا واحدا لا يبرحه اثناء توجيه الأسئلة بل عليه أن يتواجد على مسافة واحدة من متعلميه.
- أن يطرح المدرس السؤال بصوت واضح و مسموع بشكل جيد عند جميع المتعلمين.
- أن يطرح المدرس السؤال بإيقاع مناسب .
- أن لا يعين المتعلم(ة) المعني بالإجابة عن السؤال قبل طرحه، بحيث يوجه السؤال للجميع.
- أن يعدل المدرس في مسألة توزيع الأسئلة على المتعلمين بحيث لا يوجه الأسئلة إلى فئة دون غيرها.
- أن يتجنب المدرس كل عوامل التشويش على متعلميه أثناء طرحه للسؤال ( إنشغاله بتحية شخص خارج الفصل، الانشغال بجمع أشياء او ترتيبها، الانشغال بمسح السبورة أو تنظيمها...)
- أن لا يطرح أسئلة متعددة في وقت واحد .
- أن لا يقتصر في توجيه نظره أثناء طرح السؤال على فئة دون غيرها.
- أن يراعي مبدأ التدرج في صعوبة الأسئلة لأجل ضمان انخراط الجميع.
- أن يفسح المجال لمتعلميه لطرح اسئلتهم الخاصة بموضوع الدرس على زملائهم.
- طرح أسئلة متنوعة و ليست من نوع واحد (مثلا أن لا يركز المدرس على أسئلة التذكر و الفهم فقط).
- تمكين المتعلمين من فرص طرح أسئلة شفوية على باقي الزملاء( لعب أدوار) ذات صلة بموضوع التعلم.
ج- مهارة تلقي الاجابات
يستلزم التوظيف الأمثل لتقنية السؤال الشفهي بالإضافة الى مهارة صياغة السؤال و طرحه بشكل جيد مهارة تلقي الإجابات بطريقة فعالة و مثمرة، إذ أن تلقي إجابات المتعلمين يجب أن يراعي جملة من المبادئ من أهمها:
- منح المتعلمين(ات) وقتا كافيا للتفكير في موضوع السؤال و التوصل الى حل و صياغة الإجابة بالشكل المناسب.
- تجنب تعويد المتعلمين على تقديم الاجابة بشكل جماعي و بسرعة، الامر الذي يمنع احترام ايقاعات التعلم المختلفة داخل الفصل و متابعة دقيقة لواقع مواكبة المتعلمين للدرس.
- الانتباه بشكل جيد لما يقوله المتعلمون في معرض اجاباتهم، و مطالبتهم بتوضيح ما قد يشوب الاجابات من غموض.
- النظر في وجه المتعلم الذي هو بصدد تقديم الاجابة و اعتماد الايحاء غير اللفظي من قبيل الايماء بالراس للتعبير عن استحسان الاجابة.
- مطالبة المتعلمين بتقديم امثلة بخصوص الحلول التي يقدمونها او ارائهم للتاكد من تمكنهم من فحوى الاجابات المقدمة.
- تشجيع جميع المتعلمين على المشاركة في تقديم الاجابة و حفز المتعثرين منهم .
- تقدير جميع الاجابات و الابتعاد عن تسفيه بعض المحاولات و تبخيس مجهودات الذين اخفقوا في تقديم اجابات مقنعة.
- تعزيز و دعم الاجابات السليمة و مطالبة باقي المتعلمين باعادة الاجابة الصحيحة.
- عدم التشويش و بعثرة افكار من هو بصدد تقديم اجابة و اعطاؤه مجالا كافيا للتعبير عن وجهة نظره.
- مطالبة جماعة الفصل بالانخراط في الحكم على صحة الاجابة المقدمة و في حالة ثبوت صحتها دعوتهم للمساهمة في اغنائها.
- مساعدة المتعلمين (ات) الذين يقدمون إجابات ناقصة على تدارك النقص ( قد يلجأ المدرس(ة) الى اسئلة اضافية )
- بالاضافة الى تمهير المتعلمين على الانصات الجيد للسؤال المطروح يجب على المدرس مساعدة المتعلمين على اكتساب مهارة تلقي الاجابة عن الاسئلة التي يقومون بطرحها على قرين او فئة من الاقران او جماعة الفصل.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: موسوعة علوم التربية 2016 © سياسة الخصوصية تصميم : كن مدون