المتعلم يحب التعلم إذا أحب المدرسة
إن المؤسسة التعليمية لمدرسة من المدارس التي تساهم في بناء شخصية المتعلم، شأنها شأن الأسرة، والشارع، وهي مكملة للمدارك التي يمكن أن تساعد كل إنسان في حياته، ولها من الأهمية ما لها، أهمية تربوية بالدرجة الأولى، ثم تعليمية، إذ لا يمكن أن يقتصر دورها على التعلم فقط، بل يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك؛ أي أن المتعلم في هذه المؤسسة يمكن أن يصحح ما تراكم في ذهنه من الأفكار التي يمكن أن تكون غير صالحة أحياناً، وبالتالي فهي تلعب دور المحكم لأفكاره، وسلوكاته التي تبنى عليها. والمؤسسة التعليمية في عصرنا الحالي أصبحت تأخذ الريادة من ناحية الأدوار نظراً لما أصبحت تعانيه الأسرة والمجتمع من تفكك للعلاقات بسبب تأثيرات خارجية، مثل العولمة التي تنخر نتائجها السلبية جسد البناء الاجتماعي في عالمنا العربي، مما أفقده القيم التي لطالما تميز بها.
إن الحديث عن نفور المتعلم من المدرسة، والذي يمكن أن يؤدي إلى ظاهرة " الهدر المدرسي " يقودنا إلى مجموعة من المتدخلين، أولاً الأسرة التي تأخذ على عاتقها تنشئة هذا المتعلم في المراحل الأولى من حياته بشكل أساسي، وفي الباقي بشكل جزئي، حيث إن من الآباء من يرى المدرسة واجباً على المتعلم؛ أي أن عليه الذهاب إليها قسراً، لا اختياراً، و بالتالي فهؤلاء الآباء يرتكبون خطأ فظيعاَ بالإجبار، إجبار الأبناء، ولا يحاولون معرفة ما يعوق، أو يحول بين المتعلمين والمدرسة، و محاولة الأخذ بالأسباب لمعالجتها مما سيسهل على المتعلم هذه العملية، إضافة إلى هذا فمنهم من يغيب أدبيات الحوار تماماً حينما يناقش ابنه أو ابنته في مثل هذه الأمور، وهذا يعقد المسألة كثيراً، بحيث يصبح ذهاب المتعلم إلى المدرسة واجباً، وروتيناً يومياً لا غير، وتنعدم معه المنفعة المرجوة من هذه العملية.
وكذلك يعتبر المدرس أهم ما يمكن أن نتحدث عنه حينما نتناول المؤسسة التعليمية موضوعاً، لأنه المتحكم الأول، والأخير في مدخلات ومخرجات العملية التعليمية التعلمية.
إن المعلم أو المربي كما يمكن أن تختلف تسمياته بحسب اختلاف المرجعيات التربوية، تجاوز المفهوم التقليدي "المعلم" أي إن دوره أصبح يتركز على التوجيه والقيادة، كما أنه قد يلعب أدواراً عديدة؛ كأن يكون معالجاً نفسياً، و مساعداً اجتماعياً،... إلى غير ذلك من الأدوار المكملة لوظيفته الأساسية؛ لأنه قد يصادف مشكلات عديدة لدى الطلاب في ممارسته المهنية.
إضافة إلى كل هذه الأسباب قد نجد أن المتعلم في عصرنا أصبح يتعلم بالأقران، أي أنه أصبح يرى أقرانه نماذج يمكن الاقتداء بهم.
والسؤال المطروح: ما مدى صحة تربية أولئك المتعلمين؟
كما أسلفنا فنسبة مهمة من الأبناء قد تمت تنشئتهم بطريقة غير سليمة، ولا يمكن أن نحملهم المسؤولية في هذا.
كما سلف وذكرنا أن دور المدرسة لا يقتصر على التعلم في الفصل فقط، فهذه المؤسسة تضم في بنيتها مجموعة من المرافق التي يمكن أن تساعد المتعلم في التعبير عما يعانيه من صعوبات في التعلم، و أنها تساهم في خلق الدينامية التي تحتاجها كل مؤسسة تعليمية، نأخذ على سبيل المثال لا الحصر من النوادي المدرسية؛ النادي الفني والثقافي الذي يساعد المتعلم كثيرا في تطوير حسه الفني المقموع، وقلنا بهذه الكلمة لأن المتعلم في مجتمعنا حينما يرسم رسمة مثلاً أو غير ذلك، و يعطيها لأبيه فهو لا يشجعه، بل يقمعه معاتباً إياه لأنه لم يهتم بدروسه، واهتم بالخزعبلات، فالنادي البيئي والصحي الذي أعطى نتائج جد إيجابية من خلال ممارستنا المهنية حيث إنه يفسح المجال أمام المتعلم لروح المبادرة والمشاركة...، ثم نادي الرحلات الذي يؤمن للمتعلم أهم ما يحتاجه من متعة في التعلم، إضافة إلى نادي حقوق الإنسان وهو ناد يتيح الفرصة للمتعلم لمعرفة ما له، وما عليه... فالأنشطة من قبيل الإبداع المسرحي، المسابقات الدينية، والأدبية والأنشطة البيئية... تعطي المتعلم ما يحتاجه داخل المؤسسة من المتع التي حرم منها خارج محيطها.
إن التنشيط في هذه النوادي يبقى الدور الأساسي للمدرس، حيث إنه يعطيه الفرصة للاحتكاك بالمتعلمين خارج الفصل، لمعرفة متطلباتهم، والمشاكل التي يعانون منها، وكذلك فالأنشطة الموازية فرصة ليتعرف المتعلم إلى مدرسه، والمدرس إلى متعلميه بشكل أكبر، وهذا ينمي الثقة المتبادلة، لأن المتعلم يحب المدرسة إذا أحب المدرس.
يعتبر انخراط الآباء، والمدرسين، وكل الفاعلين في العملية التربوية يبقى أمراً حتمياً، وتظافر الجهود جهود الكل أمر تفرضه الضرورة، وكذلك فإن فتح قنوات الاتصال بين هؤلاء الفاعلين لتشجيع المتعلمين، وزرع حب الأنشطة المدرسية في نفوسهم، وفسح المجال أمامهم... أمور تساعد المتعلم كثيرا على التعلق بالمدرسة.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/126446/#ixzz5BJkatZgT
ليست هناك تعليقات: