حيَّ على النجاح
الإنسان بطبعه يعشق النجاح، ويطمح للعزة والكرامة، وينفر من الذل والمهانة، وإن الرغبة في النجاح كافئة في النفس البشرية، فقط يعتريها الكسل والخمول، ويعتليها الوهن والفتور.
فإذا دعا داعٍ للعزة وأذَّن بالحرية نبضت في النفس كرامتها، وتحركت إنسانيتها، فتفزع إلى النجاح، وترى أن كل ما تلاقيه في سبيله أهون بكثير من الذل والاستعباد.
إن الإسلام لا يعرف البطّالين، وإن العالم لا مكان فيه للضعفاء الفاشلين، ولا للكسالى المتواكلين، فلا تكن كَلًّا زائدًا على الحياة، بل عضوًا عاملًا فيها ومؤثرًا عليها.
قال تعالى في شأن الصالحين النابهين: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون/61]، وقال في شأن الأدعياء والمنافقين: ﴿ وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة/64]، فالكسل ديدن المنافقين.
وقال معلمًا رسوله نبذ الكسل والبطالة: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾ [الشرح/7]، فكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الكسل في دعائه " وأعوذ بك من الكسل والعجز " رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
فاحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن باب المجد والمكرمات ما زال مفتوحًا على مصراعيه يرحب بأي وافد جديد، فالعالم مليء بالفرص، وما عليك إلا اغتنامها بكل ما أوتيت من قوة ووسيلة.
لا تقل فات الأوان، فلا زالت الفرصة سانحة لديك لتحصِّل اليوم ما عجزت عنه بالأمس، وإن المستقبل كله يفتح أبوابه لك بقرار واحد تتخذه اليوم.
وقوة النجاح تكمن في عوامل ثلاثة:
تحديد الهدف ثم الالتزام والانضباط في السعي لتحقيقه، ثم الإصرار على عدم المضي قُدُمًا إلا بعد نيل مرادك منه..
لا تهرب من مشاكلك، بل واجهها واتخذ قرارك بالعمل على حلها، فالقيادة هي فن اتخاذ القرار
اختر لنفسك أهدافًا تعليك، وتشحذ همتك وتحييك، أهدافًا سامية تستحق العمل لأجلها، والبذل لها، والتضحية في سبيلها.
ثم راجع مسارك بين الحين والحين لتتأكد أنك تسير دون اعوجاج أو ضلال، فلا تنحرف عن مسارك ولا تدري..
انهض الآن ولا تتأخر فيتسع الخرق وتبعد المشقة..
وإن قصة نجاح النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، وانتشاله الأمة من وحدة الضياع والانحطاط، وهدايتها من الإلحاد والجهل والشتات إلى نور الإيمان والقوة والهيمنة والتقدم والرقي الحضاري، ينبغي أن تدرس كأسمى قصة نجاح عرفتها البشرية، فاقتدِ بها إن شئت نجاحًا..
قد يتقلص أعوانك، ويتنصّل لك جيرانك، ويتخلى عنك أصدقاؤك، فلا تبتئس ولا تقف، بل امض ثابتًا شامخًا بعزم كالجبال، واعلم أنه إذا عظُم المطلوب قلَّ المساعد، وأن طرق العلاء قليلة الإيناس.
ضع حدًّا للعبث والعشوائية التي تنخر في حياتك، وامض قوي القلب والروح لا تؤثر فيك الأوهام، ولا تزعجك الحوادث، لا تُصغِ لتخذيل، ولا يوقفك تثبيط، ولا تفتر عن بذل وقتك ومالك وجهدك لتصل إلى بغيتك وتحقيق مرادك.
إذا كان ما تنوي القيام به قد فعله غيرك، فلماذا لا تحذُو حذوه وتنجح نجاحه، لا أحد في هذه الدنيا أفضل منك ولا أقدر على هذا العمل منك، وإذا لم ينجح فيه غيرك قبلك فلِمَ لا تحرز قصب السبق في هذا المجال.. تقدم والله معك ولن يَتِرَك عملك.
إن الناجح قوي العزيمة صادق الوعد؛ لا ينحرف عن نهجه قيد شعرة، ولا يندُّ عن وعد قطعه على نفسه، ولا يخيس بعهد أعطاه، شامخًا ثابتًا، لا يبرح نهجه ولا يتخلى عن مبادئه وأهدافه وغايته، جعل نجاحه ونيل رضا ربه منتهى أمله ومناط حبوره وغبطته.
إن تقاعس المصلحين عن النجاح لا يجني عليهم وحدهم، وإنما على الأمة من ورائهم، فحين يتيه المرشد تضل السفينة، وحين ينام الحارس يصبح ما يتولى حفظه طُعمة للصوص.
وإن أمتنا تنتظر من يوقد في قلبها مصباح الهمة في دياجير هذه الظلمة المدلهمّة، ويحدوها الأمل في طلوع فجر جديد تقوده أنت ومن معك من الناجحين المصلحين، فتقدم ولا تُحجِم، والله حسبك ونعم الوكيل.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/126435/#ixzz5BJnWzu00
ليست هناك تعليقات: