ظاهرة الغش المدرسي والمسؤولية المشتركة
تعتبر ظاهرة الغش في الوسط المدرسي من المشاكل التي تنخر العملية التربوية، وهذه الظاهرة يجب التصدي لها بكل الوسائل، فالمقاربة العمودية لمحاربتها لا يمكن أن تؤتي أكلها، وذلك راجع إلى مجموعة من الأسباب، إنما المقاربة الناجحة هي تلك التي يكون المتعلم محورها، وطرفاً فيها، إذ لا يمكن أن نتحدث عن الإصلاح في المدرسة خارج المقاربات الحقوقية، والتشاركية، والتعاقد آلية ناجحة من الآليات التي يجب نهجها عند الحديث عن الظواهر المدرسية.
إن المتعلم بصفته محور العملية التعليمية التعلمية لا يمكن أن نحمله النتيجة دونما مراعاة للأسباب، لأنه قبل الخوض في كل مشروع تربوي يجب أن نستحضر كل المرجعيات النظرية المؤطرة لهذه العملية، و الملاحظ أنه حينما يتم الحديث عن الغش في الفصل يتم الحديث عن المتعلم متهمًا؛ في حين تتم تبرئة كل الأطراف الأخرى المساهمة في العملية من أسرة، ومدرس،... مع العلم أن هذه الأطراف تبقى مساهمة في كل أطوار العملية من مدخلاتها إلى مخرجاتها إما بصفة مباشرة، أو غير مباشرة.
تساهم الأسرة بصفتها المتدخل الأول في العملية بقسط وفير في تنامي هذه الظاهرة، بحيث إن الأبوين عوض أن يلعبا دور الموجه، والمرشد، يفضلان دور الجلاد الذي يعاقب كلما كبا هذا المتعلم، حيث يسأل حين دخوله المنزل ( كم علامة حصلت عليها؟ ) عوض أن يوجه السؤال على النحو التالي: ماذا درستم اليوم في المادة الفلانية؟ بحيث يضطر المتعلم من حيث لا يشعر إلى أن يسترجع مكتسباته، وهذا يساعده كثيراً في البقاء على اتصال بالقسم، إن هذه الطريقة تساعده في تيسير عملية التعلم، ثم إنه يتجاوز تلك العصا التي تهدده دائماً.
ومن جهة أخرى فمن الآباء من يُشعر ابنه أنه مجرد مشروع استثماري يجب أن يعود بالنفع، حيث تجده يحاسبه بقوله: أصرف عليك نقوداً كثيرة لتحصل على هذا المعدل؟ " متناسياً أنها واجباته، وأنه هو من يوجه هذا المتعلم متجاهلاً ذكاءاته، حيث إنه لا يكلف نفسه عناء اختبارها لمعرفة التوجه الصحيح الذي سيأخذ فيه، إضافة إلى هذا كله فالمتعلم في هذه الحالة يجد أن المعدلات هي الغاية الأسمى، وأنه لا أهمية للوسيلة، حيث تبقى النتيجة إرضاء الأسرة بأية طريقة.
ومن جانب آخر فالمدرس يساهم بالقسط الوفير في تنامي هذه الظاهرة، لأنه يخلق هالة تشتت انتباه المتعلم عند إجراء الاختبار (إياكم والغش...سأفعل كذا وكذا إن غش أحدكم...) لدرجة أن يتركز انتباه المتعلمين على أنه ليس اختباراً معرفياً بل يوم حساب، وكذلك الشأن في عملية التصحيح حيث يركز على المعطيات الرقمية، لا على تعثرات المتعلمين، ويحاول معالجتها؛ ليقف على مكامن الخلل في الممارسة المهنية.
إن المدرس بصفته قائداً للفصل يجب أن يكون مربياً، ومرشداً لا محاكماً جلاداً، وعليه أن يقف على تعثرات التلاميذ، لا أن يختصرهم في مجرد أرقام لا يمكن أن تعكس قيمة المتعلم، لأن الجانب السيكولوجي للمتعلم قد لا يكون مستقراً بسبب ما تعرض له من ضغوطات في المنزل، وقبل إجراء الاختبار.
ويبقى واجباً أن ينظر إلى عملية التقويم نظرة مغايرة للنظرات التقليدية، حيث يكون المتعلم وسيلة للحصول على النقط، والأحرى أن يكتسب آليات التعلم التي قد تسهل عملية تعلمه مستقبلاً. وتحقيق التواصل يبقى أمراً ضرورياً بين كل الأطراف للوقوف على نقاط القوة، والضعف لمعالجتها في ظل مقاربة تشاركية تراعي أهمية قدرة المتعلم، واحترام رغباته.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/126405/#ixzz5BKm7LIcW
ليست هناك تعليقات: