ما العوامل الكفيلة بتحقيق تعليم ناجح؟
كما لا يخفى على الكل، فإن المنظومة التعليمية في أي بلد لا بُدَّ أن تتوافر فيها عواملُ معيَّنة؛ لتضمن نجاحها ونجاعتها، والتي من دونها يستحيل أن يصل التعليم إلى أهدافه؛ بل ربما تضيع كُلُّ الجهود سدًى، ولا نصل إلى اقتطاف الثمار المرجوَّة من خلال هذا المسار الطويل.
• من الضروريِّ الاهتمام بالأستاذ ومنحُه حقَّه؛ سواء المادي أو المعنوي، وعندما نتحدث عن الجانب المادي، فإننا نقصد به الأجر الذي يتقاضاه، فهذا الأستاذ أو المعلم ربُّ عائلةٍ ويعول من هُمْ تحت كفالته؛ لذا يجب توفير الحماية لكرامته وصيانتها، وعدم تركه في حاجة إلى أي أحد كان، أما الجانب المعنوي، فنقصد به المكانة التي يتمتَّع بها في المجتمع الذي يعيش فيه، والنظرة التي يُنظر بها إليه، فهو مُربِّي الأجيال، وعن طريقه يتخرَّج النشْء القادر على تحمُّل المسؤوليات والاضطلاع بها؛ ولهذا يجب أن يُعَدَّ الدور الذي يقوم به أهَمَّ دورٍ في المجتمع، وألَّا تُمسَّ قيمتُه أبدًا؛ إنما يجب التركيز دومًا على الرَّفْع من قَدْره، والإشادة بما يقوم به من عمل جبَّار.
• الاهتمام بالتلميذ ومنحه الأولوية، لكن ليس على حساب مُعلِّمه، فيجب إدراك أن طرَفَي هذه العملية ليسا متناقضين أو متضاربين؛ إنما هما متكاملان، فالتلميذ هو من يتعلَّم على يد أستاذه، وحثُّه على احترامه وتوقيره من الأساسيات الموجودة في المنظومة التعليمية، ويبقى الأستاذُ مُربِّيًا له ومُلقِّنًا، وقيمةُ التربية هنا عالية؛ لأنه يمارس بها دور المربِّي والأب والمرشد، وقد يُقدِّم تضحياتٍ جسامًا حتى يفهم ذلك التلميذُ - الطفل أو المراهق- قيمةَ النصائح الموجَّهة إليه من قِبَلِ أستاذه.
• توفير الجو الملائم للدراسة؛ لأن المناخ العام في المدارس أو المجتمع ككل - يلعب دورًا في تفعيل نجاعة التعليم فيه، فيجب أن ترقى النظرة إلى العلم، ومن الضروريِّ أن يُدرك أولياء التلاميذ أن على عاتقهم مسؤوليةً ضخمةً بمتابعة المسار التعليميِّ لأبنائهم، وعدم الاتِّكال والاطمئنان، فالتلميذ يبقى شابًّا صغيرًا، وعَلاقته بأُستاذه منحصرة في القِسْم، فمتابعة ما يقوم به في الشارع مُهِمٌّ؛ حتى يبقى دائمًا تحت السُّلْطة الأبويَّة حتى بلوغِه سِنَّ الرُّشْد، وقدرته على اقتحام مصاعب الحياة باقتدار.
• تشجيع التلاميذ والأساتذة على حدٍّ سواء؛ فالتكريم والعرفان بالجميل يتركان في قلب المرء أثرًا بالغًا، فالتلميذ الذي حقَّق تحصيلًا دراسيًّا طيبًا يجب تشجيعُه؛ حتى يُواصِل السير على هذا المنوال، أمَّا الأستاذ الذي أفنى عمره في ميدان التعليم، وتشهد له النتائج المحقَّقة بما قام به من خلال مشواره -فيستحق التكريم فعلًا؛ فهو إنسان ومن حقِّه الشعور بأن المحيط والمجتمع يُقدِّرانه، رغم أنه لم يُؤدِّ إلَّا واجبَه، وأجرُه من الخالق سيكون أهمَّ وأثمنَ بالنسبة إليه.
• التواصُل الدائم بين الأساتذة ومُديري المؤسَّسات التعليمية وأولياء التلاميذ؛ فهذه الأطراف الثلاثة هي مرتكز التعليم، والتكامل بينها سيسدُّ أيَّ مجال للثغرات، فيجب أن يكون هناك حوارٌ دائمٌ ما بين الأستاذ وإدارته ووليِّ التلميذ، وعدم خَلْق جوٍّ من التشاحُن الذي قد يُعقِّد الأوضاع؛ لأن مجال التعليم يختلف عن المجالات الأخرى في القطاع العام، فمحوره الثروة البشرية، وهي بحاجة ماسَّة إلى الاهتمام المعنويِّ، ومن أبرزه الإحساس بالتكامُل بين الأطراف التي ذكرتُها سلفًا، بينما اتِّباع منطق الرئيس والمرؤوس لن يكون كفيلًا بالوصول إلى ما نرمي إليه، فالانسجام والتوافُق هما السبيل الأمثل لاقتطاف الثمار اليانعة.
من الواجب إدراك أن المنظومة التعليمية هي كالحلقات المترابطة؛ فصيانتُها والعمل على توفير الانتقال السلس بينها - يجعلها تتفاعل وتسير بيُسْرٍ؛ بأن يعرف كل طرف ما له وما عليه، ويحكمهم القانون الذي يحفظ لهم هذه المكانة، وهكذا تتَّضح الأمور، ولا يحسُّ أي أحد كان أن حقَّه قد هُضِمَ، أو أن النظرة الموجَّهة إليه ليست بالقدر الكافي الذي يُريده، وهنا أقصد المعلم حصرًا، فهو يستحقُّ الاهتمام اللازم، والدورُ الذي يقوم به هو أهمُّ دورٍ، وأيُّ مساسٍ به هو مساسٌ بصُلْب المجتمع ونواته المستقبليَّة، ألا وهو النشْء والأجيال الصاعدة التي تحتاج إلى تربية وتعليم وتوجيه، ولأولياء الأمور دورٌ مُكمِّل لكل هذا، والإدارةُ هي التي تحفظ حبل الودِّ والعلاقة الطيبة بين جميع الأطراف.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/125940/#ixzz5BKf370jQ
ليست هناك تعليقات: