ثلاث طرق لتحفيز الإبداع بداخل أي أحد
الإبداع هو حجر الزاوية في العبقرية التي خلقت آلاف الاختراعات، مُمهدةً بذلك الطريق إلى حضارة إنسانية شاسعة وعابرة للمحيطات، الإبداع هو الطاقة النقية والمُطلقة لصنع المعجزات. الإبداع هو الشغف، الحب، والعشق للمعرفة ولمجال التعلّم. إذا كنت معلمًا ينبغي عليك أن تعرف كيف تخلق وتنمي القدرات الإبداعية لدى طلابك (وصدقًا، هذا لن يقولوه لك في كلية التربية)، وحتى إن لم تكن كذلك، بالتأكيد مرّت عليه فترات كرهت فيها نفسك تمامًا وتمنيت أنك لم تولد من الأساس. لحظات اليأس تلك نبعت من فشلك المؤقت في شيء ما، وذلك الفشل منبته الرئيسي هو نقص الإبداع، فالطاقة الإبداعية موجودة في كل فرد فينا، كل ما علينا عمله فقط هو تحفيز تلك الطاقة للظهور، وهذا هو محور موضوع اليوم. سنتحدث عن ثلاث طرق ستحفز الطاقة الإبداعية فيك، في تلميذك، أو حتى في ولدك الصغير. هيا بنا!
العصف الذهني – Brainstorming
العصف الذهني هو وسيلة تعليمية شهيرة في تحفيز وتطوير الطاقة الإبداعية لدى الطلاب. تلك الطريقة تعمل بشكلٍ أفضل إذا تم تطبيقها في مجموعة صغيرة، لكن لا ضير إن طبقتها على نفسك. يعتمد العصف الذهني على التفكير من كل اتجاه وفي كل احتمال.
فعلى سبيل المثال أنت تقف بالفصل ولديك عشرين طالبًا، وكي تشرح درسك بطريقة غير تقليدية قررت أن تختزل عموده الفقري في صورة سؤال ينم عن مشكلة تحتاج إلى حل، فإذا كنت مدرسًا لمادة الأحياء بالصف الثالث الثانوي ستقول: “هناك امرأة لا تريد أن تحمل، كيف يمكننا تحقيق ذلك لها؟!”.
سيبدأ بعدها الطلاب بتدوين إجاباتهم على ورقة، ثم بعد ذلك يتناقشون فيها للوصول إلى الحلول الأصوب للمشكلة المطروحة، فأثناء تطبيق تلك الطريقة لا يجب نقد أي فكرة قبل تدوينها، فأي فكرة يجب كتابتها كما هي، ثم لاحقًا يتم النقاش فيها. تلك، الطريقة تدفع الطلاب للتفكير بشكلٍ مختلف، بدايةً من اقتراح حلول تقليدية جدًا مثل استخدام الواقي الذكري / الأنثوي، مرورًا بحلول متوسطة مثل ربط قناة فالوب، وصولًا إلى أقصى الحلول والتي قد لا تخطر على بال أحد مثل إزالة الرحم من الأساس! كلها حلول يمكن تطبيقها، وهكذا أنت حفزّت طاقة الإبداع لدى طالبك.
التفكير الجانبي – Lateral Thinking
التفكير الجانبي هو أقوى طرق التفكير الإبداعي من وجهة نظري، فأنت لا تفكر في حلول للمشكلة المطروحة فقط من خلال خبراتك العلمية، أنت هنا تفكر في حلول خيالية تمامًا تطلق العنان لإبداعك حرفيًا. التفكير الجانبي يعتمد على تفكيرك في كافة العوامل الجانبية المرتبطة بالمشكلة، محاولًا الوصول لحل بعيد تمامًا عن الحل التقليدي، فلنفترض الآن أنّك تسأل ولدك: “كيف يمكن لك أن تجعل جارنا يفتح بابه دون النقر عليه؟!”.
ذلك السؤال سيدفعه لحذف إجابة “النقر” من ذهنه تمامًا، وتجعله مركزًا على البيئة المحيطة والجانبية للباب نفسه. فسيبدأ في طرح حلول بسيطة في البداية مثل: “سأنادي عليه بصوتٍ عال”، مارًا بحلول متوسطة مثل: “سأطرق على شباكه الخلفي بعصا طويلة وأقول له أن يفتح لي الباب”، وصولًا إلى حلول غير متوقعة تمامًا مثل: “سأقذف بصخرة كبيرة على سيارته التي بالأسفل لتُطلق إنذارًا، فبالتالي يفتح بابه ليهرع إليها ويرى ما حل بها”. تلك، الطريقة تخلق عقولًا تفكر خارج الصندوق فعلًا.
معكوس المشكلة – Problem Reversal
معكوس المشكلة هي طريقة تعتمد على إجبارك على تغيير منظورك للأمور من حولك، خصوصًا المشكلة التي أنت بصددها، فبتغيير ذلك المنظور ستجد نفسك أمام شيء مختلف تمامًا، فبالتالي ستفكر فيه بطريقة مختلفة، مما سيفتح لك آفاقًا جديدةً من العوامل والحلول والأسباب التي قد تكون تابعةً للمشكلة ذاتها، أو مفيدةً في محاور حياتية أخرى. هذه الفكرة طبقها فنان سيريالي بلجيكي يُدعى Rene Magritte، فرسم لوحةً لغليون وكتب تحتها “هذا ليس غليونًا – Ceci n’est pas une pipe”. الآن أجبرك الفنان أن تمحي من عقلك فكرة أنّ هذا غليون، فالطبيعي أنّ الإجابة الأخرى التي ستراودك هي “هذه لوحة!”.
استخدم الفنان تلك الطريقة ليجعلك تصب تركيزك على المغزى الرئيسي من العمل الفني: أنّ هذه لوحة، فبتركيزك على كونها لوحةً لغليون وليست غليونًا في حد ذاته. ذلك، جعلك تدقق في تفاصيل الرسم والألوان والتدرّج وسائر عناصر الرسم الفنيّة، بتلك الطريقة تدفع الشخص إلى الانتباه إلى تفاصيل مستترة خلف البنيان القاتم للمشكلة، وبذلك يتم التفكير في حلول مختلفة وإبداعية بناءً على تلك التفاصيل المُكتشفة حديثًا عبر تلك الطريقة.
وفي الختام
الطاقة الإبداعية قابلة للتسخير وصنع المعجزات، لكن تظهر في بعض البشر بنسب أقل من آخرين؛ هذا لأنّ هؤلاء حصلوا على دعم مادي ومعنوي متمثل في آليات تحفّز خروج تلك الطاقة وتسخيرها لمصلحة صاحبها. في هذا الموضوع حاولت تلخيص أهم ثلاث طرق تساعدك على تحفيز وتطوير الطاقة الإبداعية بداخل أي أحد، أتمنى أن يكون المقال قد أعجبكم وأراكم في مواضيع أخرى أفضل وأقوى.
ليست هناك تعليقات: