عبدالله سلامه
مدير الجودة والاعتماد
ماذا نتعلم؟
كيف نتعلم؟
لماذا نتعلم؟
تساؤلات عديدة، تجول في تفكير كل من يتابع العملية التعليمية في مدارسنا، تتلخص في هذه الأسئلة القصيرة الثلاث، ماذا ... كيف ... لماذا ... ؟؟؟
ماذا نتعلم؟
من أبرز ما يميز العصر الذي نعيش، هو الانفجار الهائل في المعرفة، وفي التكنولوجيا، وفي الاتصالات، ... وما يتبعها من تغير في مستلزمات الحياة، لمسايرة هذا التطور المتسارع، والذي ينعكس شئنا أم أبينا على حياتنا.
والسؤال الذي يطرح هنا: هل ما نتعلمه في مدارسنا وجامعاتنا؛ وما نعلمه لأطفالنا وشبابنا يساير هذا التطور؟ ! هل نعلم أبناءنا ما يلزمهم لهذه الحياة المتجددة المعقدة؟ أم لا نزال نعلم ما تعلمه أجدادنا بدون تغيير أوتبديل؟ هل نعلم أجيالنا ما يلبي حاجاتهم وآمالهم وطموحاتهم وطموحات المجتمع الذي يعيشون فيه؟ هل ندرب طلبتنا على الاعتماد على النفس والتفكير الكافي لمواجهة مشاكل الحياة؟ وباختصارهل مناهجنا ومقرراتنا الدراسية تسهم في انتشالنا من سمة التخلف التي التصقت بنا ؟!
كيف نتعلم؟
لا شك في أهمية وصول المعلومة إلى المتعلم، بدءا بالتخطيط السليم، المبني على أسس علمية تربوية متطورة، بعيدا عن الروتين والتمسك بالماضي، الهادف إلى تحقيق الأهداف التربوية المنشودة، باستخدام الطرائق والأساليب المتعددة والمناسبة لما يقتضيه الأمر، واستخدام الوسائل التعليمية والتقنيات التربوية التي تلائم الموقف التعليمي التعلمي، ومواكبة المستجدات في ذلك، وتوظيف الأنشطة التعليمية التعلمية التي تيسر وتساعد في الوصول إلى النتاجات المرجوة، مع تقييم كل خطوة من خطوات العملية التعليمية التعلمية أولا بأول، والاستفادة من التغذية الراجعة، لتقويم المسار والوصول إلى أعلى النتائج بأقل جهد وأقصر وقت وأقل كلفة.
والمتأمل الناقد لواقعنا التربوي لا يلحظ تحقق ذلك بالصورة المرجوة، ولا أعمّم في هذا المجال على الجميع، فهناك من يحاول ولو جزئيا، ولكن هذه المحاولات تظل إما فردية، أو أنها لا ترقى إلى المستوى المأمول، وفي نفس الوقت فإن الغالبية الساحقة تظل تتعثر، لافتقادها التدريب الكافي، والسياسة التربوية الواضحة، والإلمام الصحيح بما تقتضيه المرحلة من تأهيل للكوادر التي تشرف وتخطط وتسيّر العملية التربوية.
لماذا نتعلم؟
من الممكن بكلمات بسيطة القول أننا يجب أن نتعلم للحياة، وبما أننا نعيش في زمن التطور والحضارة والتقدم التقني والتربوي والعلمي والاجتماعي والاقتصادي ... فمن اللازم أن يلائم تعلمنا هذا التغير والتقدم المتسارع، حيث نستفيد من تجارب السابقين وإنجازاتهم، وتجربة اللاحقين وإبداعاتهم، لتخدمنا في حاضرنا، ولنسهم مع غيرنا في مستقبل مشرق للإنسانية جمعاء.
فهل وصلنا إلى هذا المستوى المرغوب؟ وهل يحقق تعليمنا الحاضر هذه الأهداف والتطلعات؟! أم لا يزال تعليمنا حشو معلومات؟ قد تكون في كثير منها غير مسايرة للعصر الذي يتصف بانفجار المعرفة وتطور التكنولوجيا، إن لم يكن قسم منها مضيعة للوقت والجهد؟ وهل يراعي تعلمنا حاجاتنا وآمالنا وتطلعاتنا وإمكاناتنا سواء الفردية منها أو المجتمعية ؟!
ولا يقتصر التعلم للحياة على بيئة محددة محصورة فقط، وإنما يتعداها إلى فهم الآخرين على نحو أفضل، يتعدى إلى كيفية التعامل مع الآخرين، بمعرفة تاريخهم وتقاليدهم وعاداتهم وروحانياتهم ... مما يحدونا أن نسخّر التعليم لمواجهة تحديات المستقبل ومخاطره .
ولدى تقييم الواقع التربوي الذي نعيش، دون الخوض في التفاصيل، وتشخيص مواطن القوة والضعف، نصل إلى نتيجة توصّل إليها العديد من التربويين أن التعليم عندنا بحاجة إلى عملية إصلاح في العديد من الجوانب، ومن البديهي أن يبدأ هذا الإصلاح بالمدرسة.
لذا لا بد من إلقاء نظرة فاحصة على دور المدرسة، وإيجاز مقارنة بين المدرسة التقليدية التي تتصف بها معظم مدارسنا، وبين المدرسة الحديثة التي نطمح أن تكون، ثم نحدد المجال الذي من الممكن المساهمة من خلاله في هذا الإصلاح المنشود .
دور المدرسة
إن الإصلاح التربوي يركز بشكل واضح على دور المدرسة، فهي المكان الأبرز للتعليم والتعلم، فمنها ينطلق التغيير، وفيها يطبق التطوير، وفيها يظهر انعكاس النتائج على شخصية المتعلم، لذلك فقد حظيت المدرسة باهتمام التربويين، ووضع المعايير والمواصفات التي تتعلق بكل جوانب العملية التربوية، ولكي نحدد الإصلاح المطلوب في المدرسة يجدر بنا أن نعي مواصفات كل من المدرسة التقليدية والمدرسة الحديثة المرجوة، لنحدد أين نحن من هذه المواصفات؟
ولإيجاز ذلك نحصر هذه المقارنة في جوانب العملية التعليمية في الجوانب التالية :
نظرة المدرسة إلى المعلم
ترى المدرسة التقليدية أن المعلم فيها:
ما رأيك في الآراء والمواقف التالية:
- المعلم هو صاحب الفعل، وهو المتكلم معظم وقت الحصة الدراسية، ليوصل للطلبة أكبر قدر من المعلومات.
- يهتم المعلم بعدد محدود من الطلبة في الصف الواحد، ويعامل الباقي على الهامش.
- يهتم المعلم بالأسئلة من مهارات التفكير المتدنية ليحصل على إجابات صحيحة باستمرار.
- يحرص المعلم على حل الأنشطة التعليمية جماعيا مع الطلبة ثم يكلف الطلبة بكتابة إجاباتها الصحيحة في دفاترهم.
- المعلم هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الصف.
|
بينما ترى المدرسة الحديثة أن المعلم:
من الخصائص الخلقية التي يجب توافرها في المعلم:
- الصدق في القول والعمل:
من المؤشرات على صدق المعلم في عمله:
- الإخلاص: وهذا من أهم خصائص المعلم الخلقية، فهو مؤشر على قوة انتمائه لمهنته والتزامه بها.
من المؤشرات على ذلك:
أكمل:
- الصبر والتحمل:
من المؤشرات على ذلك:
أكمل:
- الحلم والبشاشة:
من المؤشرات على ذلك:
أكمل:
- التواضع:
من المؤشرات على ذلك:
أكمل:
- العدل والموضوعية في معاملة الطلبة:
من المؤشرات على ذلك:
أكمل
|
نظرة المدرسة إلى المتعلم:
تتلخص نظرة المدرسة التقليدية إلى المتعلم فيما يلي:
هل سألت نفسك :
- لماذا جذوع الأشجار مستديرة؟
- لماذا تصنع أقلام الرصاص من الخشب؟
- لماذا إشارة التوقف المرورية حمراء؟
- كيف تفهم النملة لزميلاتها؟
|
أما المدرسة الحديثة :
علموا أبناءكم لزمان غير زمانكم
ما مدى صحة هذا القول ؟
|
نظرة المدرسة إلى المنهاج والمادة الدراسية
تهتم المدرسة التقليدية من ناحية المنهاج والمادة الدراسية بما يلي:
بينما يتلخص موقف المدرسة الحديثة من المنهاج والمادة الدراسية فيما يلي:
ملاحظة هامة:
يبالغ الكثيرون في ربط التعلم بالكتب المدرسية، ويهملون أهمية الملاحظة كمفتاح أول للمعرفة، وحجر الأساس في منهجية البحث العلمي.
فهل نعلم أبناءنا وطلبتنا كيفية الاستفادة من حواسهم سواء السمعية أو البصرية ؟ وهل نوفر لهم في مدارسنا فرصاً لاستخدامها؟!
إن المفكر الجيد هو ملاحظ جيد، يتميز بإثارة التساؤلات حول خصائص الأشياء التي يلاحظها، ويحاول تفسيرها والبحث عن أسبابها بصورة طبيعية وبدون تكلف.
|
نظرة المدرسة إلى البيئة الاجتماعية والحياة المدرسية
ترى المدرسة التقليدية من خلال نظرتها إلى البيئة الاجتماعية والحياة المدرسية:
أما المدرسة الحديثة :
قضايا للنقاش:
- قد يقول قائل أنه يؤمن بضرورة توافق المنهاج وحاجات المجتمع، وهذا المبدأ يصعب تطبيقه عدا في مواد الدراسات الاجتماعية.
ما تعليقك على هذا القول؟
- التشديد على الهوية الثقافية ضرورة لجميع العرب، غير أنها تكتسب مزيدا من الأهمية بالنسبة للفلسطينيين. لماذا؟
- التربية تنبع من التربة الثقافية للمجتمع، أما ثمارها فإنها تعود لتغني تلك التربة.
ما تعليقك على هذا الرأي؟
|
مهام المدرسة حديثا:
تتلخص مهام المدرسة الحديثة بشكل عام فيما يلي:
أضف مهام أخرى:
واجب المدرسة للقيام بمهامها:
انطلاقا من إدراك مهام المدرسة حديثا فإنه يتوجب القيام بما يلي:
الواقع التربوي
بعد هذه المقارنة بين المدرسة التقليدية والمدرسة الحديثة، ونظرة كل منهما لكل من المعلم والمتعلم والمنهاج والبيئة والحياة المدرسية، يطرح التساؤل : أين نحن ؟ وأين تقع مدارسنا ؟
وبنظرة متأنية نرى أننا نعيش عصر المدرسة الحديثة، وأما من ناحية التطبيق فهناك تفاوت وفروقات، فهناك بعض المدارس التي تحاول الارتقاء إلى مستوى المدرسة الحديثة، يؤثر في ذلك الوضع التربوي لإدارة ومعلمي المدرسة وإمكانياتها، وبتشخيص أدق هناك بعض المعلمين والتربويين الذين يحاولون.
ويمكن تقسيم المعلمين إلى نوعين، نوع مرّ بدراسة تربوية وتأهيل تربوي يمكنه من تطبيق ما تحتاجه المدرسة الحديثة، ونوع لم يمرّ بهذا التأهيل. أما النوع الأول الذي حاز التأهيل التربوي، وعنده القدرة على التطبيق، فمنهم قسم يحاول ويجرب ويتحدى الصعوبات، ومنهم قسم سار في ركب التقليديين.
لذا نرى أن في المدارس معلمين مبادرين فاعلين، ينعكس أسلوبهم على طلبتهم، فنرى الطلبة معهم مشاركين فاعلين ومنهم المبدعون، وهؤلاء معا يجعلون البيئة التعليمية بيئة ديناميكية فاعلة، ونسبة هؤلاء تتفاوت بين مدرسة وأخرى، ولكنها تبقى نسبة قليلة.
وأما الفئة الأخرى التي توصف بالتقليدية، فإن معظم هؤلاء المعلمين يعلّمون كما تعلّموا من معلميهم تعليما تقليديا، يغلب عليه التلقين للمعلومات، وينعكس ذلك على طلبتهم، حيث يصبح هؤلاء الطلبة غير فاعلين، يتعلمون للاختبار، يقل عندهم البحث والاستزادة من مصادر المعرفة.
ماذا نريد ؟
نريد التغيير..
يبدأ التغيير بالفلسفة ولا يبدأ بممارسة مدرسة ما، الفلسفة التي يجب أن تتجسد فيها القيم والاتجاهات التي نرغب أن توجد في مجتمعنا، لتنعكس على تربية أطفالنا وشبابنا، وتنعكس هذه القيم بالتالي على المناهج التربوية.
وهنا لابد من وقفة تأمل، فالمناهج التي بين أيدينا تعتبر حديثة نوعا ما، وقد بذل القائمون عليها جهدا بينا لوضع مناهج حديثة مناسبة، ثم انعكست الخطوط العريضة للمناهج في كتب مدرسية، وقد كانت المتابعة والتدقيق على مستوى مرض، ولكن قلة خبرة بعض لجان التأليف والتقليد للماضي، وعدم تخصصهم في هذا المجال، والتعود على المناهج السابقة أوجد كتبا ينطبق عليها أنها نسخ معدلة من المناهج السابقة، لا ترقى في معظمها إلى المستوى المنشود.
إذ المطلوب مناهج تركز على الفكر والتفكير بأنواعه وأنماطه المختلفة.
مناهج تتصف بالمرونة والحركة الكفيلة بمسايرة التطور التقني والمعرفي والتربوي.
مناهج تكفل مشاركة فاعلة من الطلبة في صنع القرار، وفي العمل، وفي التخطيط والتنفيذ والتطبيق والتقييم.
مناهج توجد المتعلم تعلما ذاتيا، الذي يتمكن من تعليم نفسه بنفسه، تزوده بالمهارات والاستراتيجيات التي تجعل منه مفكرا ناقدا، يستطيع القول: ما الشيء الصواب الذي عملته؟ وأين أخطأت؟ وكيف يمكن إصلاح هذا الخطأ؟
مناهج تجعل المتعلم فعلا هو محور العملية التعليمية التعلمية، مع التركيز على النمو المتكامل لهذا المتعلم جسميا وعقليا وخلقيا وروحيا ونفسيا واجتماعيا.
مناهج تنتج متعلمين متجددين، متفاعلين مع الآخرين، يرغبون في تنفيذ المهمات التعليمية بأسلوب تعاوني، يبحثون عن معاني الأشياء، يسعون لربط المحتوى الدراسي بحاجات النمو المتكامل للفرد.
تعليم ينتج متعلمين تحليليين استدلاليين، يسعون للمعرفة من خلال مصادر متعددة، يهتمون بالأشياء دون الأشخاص، ينظمون عملهم، ويضعون أهدافا يسعون لتحقيقها من خلال جمع الحقائق والمعلومات، يهتمون بالأفكار أكثر من الأفراد.
تعليم ينتج متعلمين ديناميكيين، يحققون التعلم بالعمل، ويهتمون بإضافة أشياء جديدة من عندهم، يتعلمون من خلال التجربة والخطأ، يتحمسون للأشياء الجديدة، ويحبون المخاطرة.
مع التركيز على التعلم، واستخدام المعرفة المتعلمة، وجعل هذا التعلم وسيلة لفهم العالم المحيط بالطالب، ليستطيع تكييف نفسه لحياة كريمة، وتنمية قدراته المهنية ليكون عنصرا فاعلا في التنمية المستدامة.
هذا التعلم يجب أن يوجه توجيها سليما يؤدي إلى دقة الفهم واكتساب المعرفة، ليكون ذلك دافعا للاكتشاف والاستدلال وتفعيل طاقات الفرد العقلية، كما يقتضي التعلم للمعرفة تعليم الفرد كيف يتعلم؟ ويقتضي ذلك أن يتعلم الفرد ويتدرب على الانتباه الجيد، والمتابعة الحثيثة، وإعمال الفكر والتفكير بكل جوانبه، ليصل إلى الاكتشاف والنتيجة التي يبغيها، كما يقتضي ذلك تدريب الذاكرة على استيعاب ذلك كله والاحتفاظ به، وتوظيفه التوظيف المناسب.
ما سبق يتعلق بالتعلم للمعرفة، ويتصل بذلك التعلم للعمل، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتوجيه والتدريب المهني، الذي يتعلم الفرد فيه كيف يطبق معارفه تطبيقا عمليا، وكيف نعد هذا الفرد للعمل المنتظر، بتوجيهه التوجيه المهني الذي يتناسب مع قدراته وإمكاناته ورغباته وحاجاته، مع ملاءمة ذلك لحاجات المجتمع وإمكاناته.
ولا ينفك تعلم الفرد سواء للمعرفة أو للعمل عن التعلم للعيش مع الآخرين، فيجدر بالفرد أن يتكيف في المجتمع، ويكون عنصرا فاعلا فيه، يتعلم كيفية الاتصال والتواصل مع الآخرين، في المدرسة، وفي البيت، والشارع، وفي المعمل، وفي المؤسسات المختلفة، يتعلم أن هناك تنوعا في الجنس البشري، يقتضي تنوعا في المعاملة والتواصل.
يجب أن يتعلم الفرد ليصل إلى مستوى من الاستقلالية والمسؤولية الشخصية، والحكم على الأمور، مستغلا كل طاقة من طاقاته البدنية والعقلية والوجدانية.
والمهم في التعلم أن يكون على مدى الحياة، فلا يتوقف التعلم على الفترة التي يقضيها الطالب في المدرسة، وإنما تكون هذه الفترة نواة لاستمرارية تعلمه مدى الحياة، وفي كل مجال من مجالاتها.
وكما ينبغي للمناهج والمدرسة الاهتمام بالمتعلم كونه محور العملية التربوية، يجدر أيضا الاهتمام بالمعلم كونه من أهم مدخلات النظام التربوي، الاهتمام به أكاديميا، وخلقيا، واجتماعيا، بحيث يخلق عنده الرضا الوظيفي الذي يقوده لتأدية واجبه على أكمل وجه، ومن أهم الاهتمامات بالمعلم أن يحافظ على النمو المهني، وعدم الجمود والتوقف عن الاستزادة أكاديميا وتربويا ...
والنمو المهني للمعلم يقتضي بعض الآليات والمتطلبات، التي منها:
وللوصول إلى معلم فاعل في مدرسة فاعلة يجدر به أن يتصف بما يلي:
وأما في مجال التنفيذ، وعلاقة المدرسة بالمتعلم وتأدية الأنشطة التعليمية، فيجدر بالمعلم اتباع الآتي:
وفي هذا المجال من المهم للمعلم تحديد الخطوات التدريسية التي يقتضي الموقف التعليمي إتباعها، وهذا يستدعي منه تحديد ما يلي:
ونحن بصدد دور المعلم لا بد من الإشارة إلى ارتباط هذا الدور بكل من دور مدير المدرسة والمشرف التربوي، لذا نرى لزاما في هذا المجال بيان دور كل من المدير والمشرف التربوي في التدريس الفعال باختصار.
دور مدير المدرسة حيال التدريس الفعال :
يهم مدير المدرسة تطور مدرسته، ويكون ذلك بتقديم أفضل الأساليب والأنشطة والفعاليات، لتصل إلى أعلى المراتب التي يهدف إليها التدريس الفعال، ومدير المدرسة هو قائد المركبة، وهذا يقتضي أن يبدأ التغيير من طرفه، لينتقل دوره في المؤسسة التعليمية من مدير تعليمي مسؤول عن تنفيذ الأدوار في مدرسته إلى قائد تربوي مسؤول عن إحداث التغيير في المؤسسة التعليمية التي يقودها، وهذا يتأتى بتطبيقه لأنماط القيادة التي تلائم هذا التغيير، ومن هذه الأنماط القيادية والتي يظهر أثرها في العملية التعليمية القيادة التشاركية، التي تعتمد إشراك جميع الأطراف الذين لهم علاقة بالعملية التعليمية، وهذا بدوره يقود إلى تغيير العلاقة بين مدير المدرسة وكل من العاملين معه، والطلبة وأولياء الأمور والمجتمع المحلي، ويتم هذا التغيير باعتماد مبدأ الشورى ومشاركة جميع الأطراف في العمل والقرار.
هذا التغيير يقود إلى بيئة إبداعية محفزة وداعمة للتفكير، مسايرة للتقدم العلمي والتربوي والتقني، بيئة توفر الدافعية والحماس لدى العاملين، وتزرع فيهم الأمل في المستقبل، والإيمان بقدرتهم على العطاء والتميز، وتمكنهم من التغيير انطلاقا من استيعابهم الواعي لمعطيات الحاضر ومتطلبات المستقبل، وامتلاكهم القدرة على المبادأة والإبداع والابتكار وتطوير المؤسسة التعليمية، بيئة توفر المناخ المناسب للتغيير، ووضع استراتيجيات فاعلة لإحداثه وتفعيله، من خلال الاستفادة الفضلى من الموارد البشرية والمادية والفنية المتاحة.
ولتحقيق هذه التطلعات يجدر بمدير المدرسة كقائد تربوي أن يتوفر فيه من الصفات والقدرات ما يلي:
دور المشرف التربوي في التدريس الفعال:
المشرف التربوي هو مهندس العملية التربوية التعليمية، وعليه تقع مسؤولية عملية التخطيط للطرق الفنية والتربوية الفضلى، للوصول بالمدرسة إلى المستوى المنشود. فمن خبرته يستمد المعلمون الطرق والأساليب التدريسية الفعالة، وعليه أن يتيح لهم الفرصة ليشاركوه في التخطيط لها، وتنفيذها على أرض الواقع، فهم المباشرون لعملية التنفيذ مع أبنائهم الطلبة.
ويتوجب على المشرف التربوي وضع خطة إشرافية في بداية العام الدراسي، آخذا بعين الاعتبار تغيير المسار التقليدي والطرق التقليدية، وجعل التدريس فعالا، فالتدريس الفعال يحتاج إلى توجيه وإشراف فعالين، ويستدعي ذلك التواصل المستمر مع المعلمين، بعقد لقاءات تربوية، وإمدادهم بالمستجدات التربوية والتقنية، والتوجيهات اللازمة في مجال طرق وأساليب التدريس، وتفعيل الوسائل التعليمية، والتقنيات التربوية المتسارعة، وتقويم العمل باستمرار، وإمدادهم بالتغذية الراجعة الهادفة إلى التطوير والتحسين المستمر، ومناقشة الصعوبات المتوقعة، ووضع البدائل والحلول المناسبة لتخطي الصعوبات وتذليلها، وعدم كونها حائلا دون الوصول إلى الأهداف المنشودة من العملية التربوية.
ومن المفيد تحديد عمل المشرف التربوي باختصار في مجالات منها:
- ما يتعلق بالمعلم والمتعلمين:
يرتبط بدور المشرف التربوي تجاه المعلم وما ينعكس نتيجة ذلك على أداء الطلبة وتحصيلهم، أمور منها:
أ ) تقييم ما يتعلق بكفايات المعلم وخصوصا إلمامه بالمادة الدراسية التي يعلمها، وإدراكه للمفاهيم والمبادئ والمهارات والاتجاهات ... المتعلقة بهذه المادة.
ب) كيفية تطبيقها، من حيث إلمام المعلم بالأهداف التعليمية وصياغتها، والأساليب والطرائق التعليمية وكيفية اختيار المناسب منها للموقف التعليمي، وتحديد الأدوات والوسائل التعليمية الملائمة وكيفية توظيفها، واختيار أدوات التقويم المختلفة واستخدامها بحيث تؤدي الهدف الذي اختيرت لتقويمه.
ج) توفير الجو الإيجابي بين المشرف والمعلمين والطلبة، بحيث يسوده الثقة المتبادلة والأمن والاحترام. ومن ذلك:
* حرص المشرف التربوي على مصلحة المعلم والطلبة.
* التوجيه والإرشاد الإيجابي قبل السلبي.
* يساعد على ذلك قناعة المعلم بكفاءة المشرف التربوي وتمكنه أكاديميا وتربويا.
* تزويد المعلم بمعلومات أكاديمية وتربوية جديدة بالنسبة له حينما يحتاج لذلك.
د ) توفير أجواء للمعلمين تستهدف تحفيزهم للعمل وإثارة حماسهم للتعليم: وذلك بطرق منها:
هـ ) توجيه المعلمين إلى مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، بحيث تراعي قدراتهم وإمكانياتهم المتفاوتة، ويكون ذلك بطرق منها:
و ) الاهتمام بالتشخيص والخطط العلاجية.
ويمكن مساعدة المعلمين والطلبة على ذلك من خلال:
ز) مساعدة أفراد الفئة المستهدفة ليصبحوا قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة، المتصلة بعملهم ومسؤولياتهم، ليكون كل منهم واعيا لمهماته وما يطلب منه، حريصا على النجاح في عمله، متجددا مرنا متطورا منفتحا على المستجدات والواقع، قادرا على تذليل الصعوبات، وبصورة عامة يلزم أن يكون الإشراف تشخيصيا علاجيا، وقائيا، تطويريا.
- ما يتعلق بالمنهاج والكتب المدرسية:
تقع على المشرف التربوي مسؤولية تجاه المنهاج والكتب المدرسية، تتلخص فيما يلي:
- ما يتعلق بالمدرسة والجو العام:
يتلخص عمل المشرف التربوي في هذا المجال في تقديم النصح والتوصيات لتوفير جو مدرسي جذاب، وتوفير بيئة مدرسية مناسبة، سواء بالنسبة للجو الفيزيقي، من تهوية وإضاءة وتدفئة وبعد عن الضوضاء والتشويش، أو بيئة نفسية توفر الراحة والهدوء والأمان والثقة والاحترام والنظام.
خصائص عامة للمشرف التربوي:
ناقش العبارات التالية:
- المشرف التربوي الجيد يخلق لدى المعلم شعورا بعدم الرضا عن بعض ممارساته، ورغبة في تغييرها للأفضل.
- المشرف التربوي الجيد يدفع المعلم للقيام بحوار داخلي مع نفسه، يناقش عمله، ويحلله، من أجل التطوير والتعديل المستمر.
- المشرف التربوي الجيد يساعد المعلم على تعزيز ثقته بنفسه وقدراته.
|
المدرسة والمجتمع المحلي
استكمالا لمواصفات المدرسة الفاعلة التي نريد، يجدر أن تقيم المدرسة علاقة فاعلة مع المجتمع المحلي بمؤسساته المختلفة، وخصوصا مع أولياء أمور الطلبة، بحيث تكون هذه العلاقة قوية ومثمرة، ولا تقتصر على إرسال معلومات عن الطلبة تحصيلا وسلوكا، بل تتعدى ذلك إلى إشراك أولياء الأمور في تخطيط سياسة المدرسة، والاشتراك في الأمور الإدارية والتنظيمية والمتابعة والمراقبة للطلبة، والاستفادة من خبرات وتخصصات أفراد المجتمع المحلي في الأنشطة المدرسية، من محاضرات وندوات واحتفالات وأبحاث ... وبذلك يكون أفراد المجتمع المحلي مصدرا أساسيا للتعليم، كما يشترك أولياء الأمور في المجلس المدرسي الذي يضم إدارة المدرسة ومجموعة من المعلمين وأولياء الأمور والطلبة، وبذلك يتم إشراكهم في التخطيط والتنفيذ والمراقبة والتقييم وكافة متطلبات المدرسة ...
نشاط:
أبين الإسهامات المنشودة من المجتمع المحلي الهادفة لتطوير المدرسة.
|
معيقات
قبل الانتهاء من هذا الموضوع المهم، لا بد من الوقوف على بعض المعيقات التي تؤثر على سير العملية التعليمية بالشكل الذي نطمح إليه، ومنها:
وهنا نصل إلى الإجابة على السؤال المطروح: ماذا نريد؟
نريد إصلاحا في العملية التربوية، تبدأ من الفلسفة التربوية مرورا بالمدرسة، لتؤدي دورها في الحياة، لتشمل جميع النواحي، تدريب المعلمين، وتهيئة المناخ المدرسي الملائم للعملية التربوية، وتطوير المناهج بما تحويه من أهداف ومحتوى تعليمي غالبا ما ينعكس في الكتب المدرسية المقررة، وأنشطة تعليمية منهجية ولا منهجية، وطرائق وأساليب تعليمية مختلفة، ووسائل تعليمية، مع استخدام جيد لتقنيات وتكنولوجيا التربية، وتقويم فاعل مستمر.
هذا الإصلاح يقتضي تضافر الجهود من ذوي القرار، ومن التربويين المتخصصين كل في مجاله، لإصلاح الخلل، والنهوض بالعملية التربوية في هذا المجتمع، للوصول إلى مستوى الطموح والأمل.
وستتناول هذه الدراسة جانبا مهما يتعلق بهذه الجوانب جميعها، ويسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية بشكل عام، وهو الإسهام بجهد متواضع في بيان " تفعيل التفكير في العملية التربوية ".
وستتناول الدراسة التعريف بمفهوم التفكير، ومهاراته، وأساليبه، واستراتيجياته، وإمكانية تعليم التفكير وتنميته وتحسينه، وعوامل نجاحه، وأنواعه المختلفة، مع إيراد الأمثلة التي توضح للقارئ تطبيقات التفكير، وخصوصا في العملية التعليمية التعلمية، ووضع أنشطة تثير تفكير القارئ في مختلف مراحل اطلاعه على هذه الدراسة
ليست هناك تعليقات: