تحميل الكتاب

السبت، 12 مايو 2018

مصوغة سوسيولوجيات المدرسة وسيكولوجيات المراهق

مصوغة سوسيولوجيات المدرسة وسيكولوجيات المراهق

1-يهتدي نظام التربية والتكوين للمللكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية، وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالإستقامة والصلاح، المتسم بالإعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم في أرحب آفاقها والمتوقد للإطلاع والإبداع والمطبوع بروح المبادرة والإنتاج النافع.
2-يلتحم النظام التربوي للمملكة المغربية بكيانها العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله وحب الوطن والتمسك بالملكية الدستورية. عليها يرين المواطنون مشبعين بالرغبة في المشاركة الإيجابية في الشأن العام والخاص وهو الواعون أتم الوعي بواجباتهم وحقوقهم متمكنون من التواصل باللغة العربية، لغة البلاد الرسمية تعبيرا وكتابة، متفتحون على اللغات الأكثر انتشارا في العالم، متشبعون بروح الحوار وقبول الإختلاف وتبني الممارسة الديموقراطية، في ظل دولة الحق والقانون.
3-يتأصل النظام في التنراث الحضاري والثقافي للبلاد، بتنوع روافده الجهوية المتفاعلة والمتكاملة وسيحقق حفظ هذا التراث وتجديده وضمان الإشعاع المتواصل لما يحمله من قيم خلقية وثقافية.
4-يندرج النظام في حيوية نهضة البلد الشاملة، القائمة على التوفيق الإيجابي بين الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصرة، وجعل المجتمع المغربي يتفاعل مع مقومات هويته في انسجام وتكامل وفي تفتح علتى معطيات الحضارة النسانية العصرية وما فيها من آليات وانظمة تكرس حقوق الإنسان وتدعيم كرامته.
5-يروم نظام التربية والتكوين الرقي بالبلاد إلى مستوى امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا المتقدمة والإسهامات في تطويرها بما يزيد قدرة المغرب التنافسية، ونموه الإقتصادي والإجتماعي والإنساني في عصر يطبعه الإنتاج.
الغايات الكبرى:
6-ينطلق إصلاح نظام التربية والتكوين من جعل المتعلم بوه عام، والطفل على الاخص، في قلب والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية، وذلك بتوفير الشروط وفتح السبل أمام أطفال المغرب ليصقلوا ملكاتهم، ويكونون منفتحين مؤهلين قادرين على التعلم مدى الحياة.
وإن بلوغ هذه الغايات ليقتضي الوعي بتطلعات الأطفال وحاجاتهم البدنية والوجدانية والنفسية والمعرفية وإن بلوغ هذه الغايات ليقتضي في الوقت نفسه نهج السلوك التربوي المنسجم مع الوسط العائلي إلى الحياة العملية مرورا بالمدرسة.

مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين:
         ومن ثم، يقف المربون والمجتمع برمته تجاه المتعلمين عامة، والأطفال خاصة، موقفا قوامه التفهم والإرتقاء والمساعدة على التكوين التدريجي لسيرورتهم الفكرية والعملية، وتنشئتهم على الإندماج الإجتماعي، واستيعاب القيم الدينية والوطنية والمجتمعية.
7-وتأسيسا على الغاية السابقة ينبغي لنظام التربية والتكوين أن ينهض بوظائفه كاملة تجاه الأفراد والمجتمع وذلك:
أ-بمنح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف التي تؤهلهم للإندماج في الحياة العملية، وفرصة مواصلة التعلم، كلما استوفوا الشروط والكفايات المطلوبة، وفرصة إظهار النبوغ كلما اهلتهم قدراتهم واجتهادهم.
ب-بتزويد المجتمع بالكفايات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام فغي البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات كما ينتظر المجتمع من النظام التربوي أن يزوده بصفوة من العلماء وأطر التدبير، ذات المقدرة على زيادة نهضة البلاد مدارج التقدم العلمي والتقني والإقتصادي والثقافي.
8-وحتى يتسنى لنظام التربية والتكوين إنجاز هذه الوظائف على الوجه الأكمل، ينبغي أن تتوخى كل فعالياته وأطرافه تكوين المواطن بالمواصفات المذكورة في المواد أعلاه.
9-تسعى المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن يكون:
أ-مفعمة بالحياة بفضل نهج تربوي نشيط بتجاوز التلقين السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي والقدرة على الحوار والمشاركة في الإجتهاد الجماعي.
ب-مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسين فضائها النسبي والمجتمعي والثقافي والإقتصادي.
10-على نفس النهج ينبغي أن تسير الجامعة وحري بها أن تكون مؤسسة منفتحة وقاطرة التنمية على مستوى كل جهة من جهات البلاد وعلى مستوى الوطن ككل.
أ-جامعة منفتحة ومرصد للتقدم الكوني والعلمي والتقني وقبلة للباحثين الجادين من كل مكان، ومختبرا للإكتشاف والإبداع وورشة المهن، تمكن كل مواطن من ولوجها او العودة إليها، كلما حاز الشروط المطلوبة والكفاية اللازمة.
ب-قاطرة للتنمية، تسهم بالبحوث الأساسية والتطبيقية في جميع الحالات وتزود كل القطاعات بالأطر المؤهلة والقادرة ليس فقط على الإندماج المهني فيها، ولكن أيضا على الرقي بمستويات إنتاجها وجودتها بوتيرة تساير إيقاع التباري مع الأمم المتقدمة.
        

بعض المبادئ الأساسية للملاحظ سوسيولوجي:
         1-الحياد الأكسيولوجي:
         على عالم الإجتماع أن يلاحظ الواقع من الداخل كما لو كان غريبا عن ذلك الواقع، بحيث يتجنب إصدار أحكام قيمة بتصنيف الأفعال التي زيلاحظها إلى أفعال صائبة أخرى غير صائبة. إن هدفه الرئيسي يتجلى أساسا في التحليل والتأويل: باختصار إنه يتجلى في فهم الواقع الملاحظ دون الحكم عليه. إنه بطريقة ما يضع مؤقتا آراءه اتلخاصة جانبا. واختياراته والأشياء التي يفضلها حينما يكون بصدد قراءة الواقع الذي يلاحظه، فأثناء التحليل لا يميل إلى وضع الأشياء التي تعجبه ويحبذها شخصيا.
هذه باختصار قاعدة أساسية من قواعد المنهج السوسيولوجي.
2-الإعتماد على الملاحظة الميدانية:
لا يوجد هناك عمل سوسيولوجي بدون مجموعة من الإجراءات الميدانية لأجل اختبار فرضيات البحث، فعالم الإجتماع او الباحث السوسيولوجي يلجأ باستمرار إلى لقاءات Entretien أو مقابلات. يلاحظ مظاهر معينة، اجتماعات، كما يلجأ إلى الأرشيف والإحصائيات. كل هذا يشكل بالنسبة إليه معطيات يستند إليها أثناء التحليل.
ذلك لأن هدفه هو استخراج معاني ودلالات لواقع عادي ... إنه بخلاف الباحثين الآخرين مسلح بتصور نظري أولي.
3-تنظيم النتائج:
الملاحظ السوسيولوجي لا يضيع وقته في سرد ما رأى وسمع، عليه ان يقوم بتأويل المادة الامبريقية والمعطيات التي جمعها، والهدف من التأويل هو استخراج مبادئ عامة تسمح ببناء قوانين سوسيولجية حول سير المجال الإجتماعي، فالقانون او القاعدة السوسيولوجية لا تكتب من طرف الأفراد بل هي تجريد انطلاقا من الملاحظة الميدانية...

وثيقة رقم 1:النزاعات:
لا يعيش التلاميذ تجربتهم المدرسية بوتيرة واحدة، إذا كان التعبير عن الإنشراح يأتي على قائمة المشاعر التي يدعي التلاميذ الإحساس بها داخل المؤسسة، فإن القلق والإحساس بالروتين والتذمر يأتيان مباشرة بعد ذلك. هذه الأحاسيس لها ارتباط وثيق طبعا بالنتائج المدرسية: من غيرهم (79% في مقابل 54%) بينما حدث العكس حيث (27% في مقابل 18%) حسب دراسة 1996 Marthenden.
كما بين (1996) Dubet et Natrucelle، ان التلاميذ يتدمرون من السلوكات الغير عادلة والغير منصفة للأساتذة، غير ان الإنتقادات الموجهة لهم محددة ومحدودة بمدى تأثير القيم التي تلقنها المدرسة.
النزاعات بين التلاميذ خصوصا الذكور هي في المقابل ظاهرة معروفة، فهي تبقى مقبولة ومتجاوزة، من جانب المدرسين خصوصا الرجال أي الذكور منهم الذين يعتبرونها وسيلة "طبيعية" في بناء الهوية الذكورية .. العراك واستعمال القوة البدنية هو تأكيد لسلطة الكبار على الصغار، وسلطة  الذكور على الإناث، اللواتي لا يحسسن بأنهن تحظين بدعم الأساتذة إذا ما لجان إليهن ليشتكين من الذكور. ولهذا السبب تشكلن مجموعات وتحاولن تجاهل التلاميذ- الذكور- (1987 Clarrigoales). في ظل وضع اجتماعي وسياق متميز بتعدد الإنتماءات الإثنية، قد تحدث نزاعات ذات طبيعة ثقافية او عنصرية دراسة (Hanna) (1982) بصدد مدرسة تجريبية منذ مدة بالولايات المتحدة، أظهرت أن الأطفال السود والبيض يتعاركون ويتصارعون حيث تسعى كل جماعة لإقصاء الأخرى، دراسة أخرى بانجلترا (1993 Carallay)، أبرزت ان الذكور ذوو الأصول الإفريقية ينظر إليهم كعناصر مهددة لزملائهم نظرا لخشونتهم أثناء الحصص الدراسية ولكونهم يجلبون الفتيات ويتحدون الأساتذة.
Maric. Duru-Bellat : Sociologie de l’école. Am audeclin 1999, p 204.

وثيقة رقم 4:   الطرق والأساليب التربوية:        
         أغلب الدراسات التي تناولت الفوارق بين الأوساط الإجتماعية، اهتمت أساسا بمجال الأساليب التربوية، حيث إن أغلبها انطلقت من فرضية كون الأسر في الأوساط الإجتماعية الشعبية تتميز باللجوء إلى المراقبة الصارمة والعقاب الجسدي على  عكس الطبقات الوسطى التي تعتمد بالدرجة الاولى على نوع من الترهيب أي العقاب السيكولوجي-كالعزل والتهديد بعدم الإهتمام- أو تلجأ إلى الحكمة ومعالجة الأشياء.
الدراسات الميدانية الأخيرة بينت أن ارتفاع المستوى المعاشي والدراسي وانفتاح الأسر على الخارج فضلا عن تأثير علماء النفس والأطباء والصحافة المتخصصة يؤديان إلى انتشار نموذج الطبقات الوسطى. ورغم ذلك، نجد تنوعا كبيرا في أساليب التربية الأسرية. بفرنسا تععرض الباحث (1980) Lautery لأثر النمو المعرفي على ثللاثة "أنماط" أسرية: النمط أو المحيط: المحيط ذو البنية المرنة والمحيط المتشدد. فبالنسبة للثاني هناك قواعد للتعامل لكنها متفاوض في شانها مع الأطفال وقد كان لها نتائج إيجابية على الأطفال.
ومن خلال الجمع بين بعدين، التحكم (درجة الإكراه والضغط) والدعم (درجة الحميمية الوجدانية) للآباء والأمهات، ميز (1980) Baumaind بين ثلاثة أساليب عند عينة من الأسر الأمريكية: الأسلوب "المتساهل" (تحكم ضعيف ودعم وحميمية مرتفعة)، والأسلوب "السلطوي" (تحكم شديد ودعم وحميمية منخفضين)، والأسلوب "الصارم" (التحكم والحميمية مرتفعين).
لكن دراسة مقارنة بين نماذج عائلية من السود بالولايات المتحدة، علائلات يتميز أبناؤها المراهقون بنتائج مدرسية إيجابية وأخرى يصادف أبناؤها تعثرت، قد بينت أن الأسلوب "الصارم" Autoritaire المتميز بالتشجيع الأسري ووجود قواعد واضحة لتعامل الأبناء داخل وخارج المنازل، والمراقبة الصارمة المضبوطة لأوقات الخروج بالإضافة إلى الأهمية التي تعطى للحوار بين الأبناء والأولاد، هو الأسلوب المميز لأسر التلاميذ المتفوقين (1983 Clark). في المقابل الأسلوبين الآخرين أعطيا نتائج سلبية حيث يشجعا أكثر على الإهتمام بالتعلم، وسلوكات مشينة ...إلخ.
Marie. Duru-Bellah, Sosiologie de l’école. Armand colin, 1996, Paris, P 174.

وثيقة رقم 3: تابع  التعثر الدراسي:
         ينطلق المبدأ الديموقراطي للتعليم من مسألة تكافؤ الحظوظ وكون المدرسة لا تقوم سوى بوظيفة تربوية، لكن علماء الإجتماع تناولوا العلاقة بين نسب التفوق او النجاح الدراسي والأصول الإجتماعية للتلاميذ، واستنتجوا أن المدرسة دون رغبة منها ودون وعي منها، تقوم بعملية انتقاء اجتماعي للتلاميذ، ليس حسب الوضع المادي ولكن وفق الموارد الفكرية والثقافية للأسرة: الشهادة التعليمية للآباء والأمهات، مهنتهم، وممارستهم الثقافية.
         وقد لاحظوا إذن، ان التلاميذ الذين ينحدرون من الفآت العليا في السلم يتوفرون على حظوظ أكثر للتفوق الدراسي بالمقارنة مع الآخرين. وهكذا، فاثنين على ثلاثة من أبناء الأطر العليا يلجون الجامعة في مقابل 1 بالنسبة للفآت العمالية.                                  10

وثيقة رقم3:             المدرسة واللاتكافؤ الإجتماعي
         1-إن الحظوظ الدراسية غير متكافئة اجتماعيا، فرغم تحقيق ديموقراطية التعليم وفتح المدارس ... فإن الفرص الدراسية غير متكافئة اجتماعيا بين أبناء الجماعات او الفئات الإجتماعية والإقتصادية المختلفة تبعا لموقع كل منها في السلم الإجتماعي.
2-اللاتكافؤ امام التعليم يعود إلى العنصر الثقافي من المنشأ أكثر مما يعود إلى العنصر الإقتصادي، وهذا ما يفسر الإختلاف بين أبناء الفئات التي لها نفس الوضع الإقتصادي... إن لا تكافؤ الفرص يرتبط بالرأسمال الثقافي...
         3-إن المردسة وعبر إواليات لا تكافؤ الفرص الدراسية غنما تقوم بإعادة إنتاج اللاتكافؤ الإجتماعي، إذ في  الدولة النامية يصعب اعتبار النمدرسة المؤسسة الرئيسية للتنشئة الإجتماعيةن ليس لان نسبة من الأطفال لا يلتحقون بها بل لان البنى التقليدية ما زالت نافذة.
4-يتربكط اللاتجانس الإجتماعي بالإنحراف الإقتصادي الناجم عن التبعية، واللاتجانس الإجتماعي وجه ىخر إنه التنافر الغجتماعي وهو ناجم عن كون الرأسمالية لم تدخل عن طريق النخب الحديثة بل غالبا عن طريق التشكيلات الإقتصادية الغجتماعية ...
-5-ارتباط الفرص الدراسية بالتفاوت القطاعي. فالقطاع الحديث ينمو باستقلالية نسبية عن سائر المساحة الإجتماعية وأنه في حالة توسع وسيطرة مستمرة ...


الوثيقة رقم 1:  المعالجة السوسيولوجية للمدرسة:
         تشكل الترلابية بالنسبة لهنري جان"...في اعين السوسيولوجي سيرورة للمثاقفة Occulturation. ومن ثم تشتغل كل الآليات الوظيفية الخاصة باستدخال القيم واستيعاب السلوكات وكل المقتضيات التي تحاول بواسطتها البنيات إدماج الأفراد، وكل التنظيمات التي تعمل بواسطتها أنظمة السلطة، صراحة او ضمنا، حث الأفراد على احترام التراتبيات...".
         للمؤسسة المدرسية، في الواقع، وظيفة مضاعفة: إشاعة موروث الماضي والتهييئ لتحولات المستقبل، ومن تم فالأمر لا يتعلق بصدفة عندما لا نعثر على أي نظام للبحث العلمي لم يعر قدرا من اهتمامه للمشاكل الأساسية الحالية للتعليم أو للتكوين المهني.
         يتحدد موقع لسوسيولوجيا التربية على مستوين:
          
-تحلل مكانة ووظيفة المؤسسة المدرسية داخل المجتمع وبذلك العلاقة بين هذا المجتمع والمجتمع العام، انطلاقا من المشكلات الملموسة للمؤسسة المدرسية (الفشل الدراسي مثلا، والتفوق المدرسي والأوساط الأسرية وممارسات المدرسين).
         ويمكن من جهة اخرى، التدقيق اكثر في حقل سوسيولوجيا التربية والواقع ان موضوع البحث الأول الذي تبنته السوسيولوجيا التربية هو المؤسسة، أي المدرسة وكل ما يدخل ضمن محيطها، وغالبا ما يتوسع تحديد مفهوم المؤسسة إلى دراسة التنظيم او النسق في كليته والذي يندرج ضمن قطاع التعليم، وهكذا نجد اشتغال المؤسسة المدرسية في إطار محيطها القريب، جمعيات الآباء، والجماعات الضاغطة، وبشكل عام، الرأي العام، وتحاول سوسيولوجيا المؤسسات التربوية، الأكثر كلاسيكية، أن تقييم العلاقة بين نسق تربوي خاص والمجتمع العام الذي ينتمي إليه، ومعاييره وترتيباته وتاريخه وأيضا إديولوجيته، كما تحاول من ناحية أخرى تسليط الضوء على تأثير هذا النسق على سيرورة تكوين الجماعات والطبقات وعلى نشر المعرفة.
الوثيقة رقم 2:المدرسة وإعادة الإنتاج
         وجد علماء الإجتامع أنفسهم، خلال سنوات 70، في مواجهة تحدي حقيقي، إذا كان الفارق بين النتائج المدرسية فارقا اجتماعيا، وفاقدا الصلة بما يدعى بالمواهب الغامضة، وغير القابلة للتفكير، فقد بات من الضروري العمل على تفسير ذلك الفارق وعلى تحديد الآليات الغجتماعية الثاوية التي تنتج هذا الإرتباط الشائع بين النتائج المدرسية والمنشأ الإجتماعي. ولكي يتمكنوا من الجواب على هذه المسألة، عمل علماء الغجتماع على تطوير نظرية إعادة الإنتاج Reproduction، التي اتخذت صيغا متنوعة واعتمدت بشكل مكثف، على الاداة الإحصائية.
         بالنسبة لكل من ب.بورديو وج. كلود باسرون Passerun، تعمل المدرسة على الإعلاء من شان شكل معين من الثقافة المردسية، شكل يتميز بالأناقة والمظهر الطبيعي .. إلا أن مختلف الطبقات الإجتماعية، لا توجد على مسافة موحدة إزاء هذه الثقافة، فالطبقات القريبة منها، تمرر لأبنائها رأسمالا ثقافيا وعددا من الإستعدادات متعلقة بالمدرسة وبالثقافة، تتيح لهم إمكانية النجاح المدرسي، وعلى العكس من ذلك، يلجأ أبناء الطبقات الفقيرة إلى ما يسمى بالإقصاء الذاتي من السباق، نظرا لافتقارهم لرأس المال الثقافي وللإستعدادات الضرورية، وبذلك تساهم المدرسة في إدامة بنية العلاقات الإجتماعية، أكثر من ذلك إنها تضفي عليها المشروعية من خلال إخفاء وظيفتها الإجتماعية وراء وظيفتها الثقافية، غير أن المدرسة تحتفظ، مع ذلك، باستقلالية نسبية، تسمح لها بإقناع الغير بانها ترتب الأطفال حسب معايير ثقافية وليس وفق معايير اجتماعية، وبأن هذا الترابت هو امر مشروع.
         هناك تيار ثان في نظرية إعادة الإنتاج، ويجد جذوره في فكرة التمرير الإيديولوجي، والمفهوم الأساسي هنا، هو مفهوم الجهاز الإيديولوجي للدولة الذي طوره ل. التوسر Altthusser. أن كل مجتمع يجب ان ينتج لدى الشباب

الكفايات وقواعد السلوك التي تسمح لهم بشغل مكان مستقبلي ضمن التقسيم الإجتماعي للعمل ... إن المدرسة، بالنسبة لألتوسير هي الجهاز الإيديولوجي الأساسي للدولة الرأسمالية الحديثة.
         وستؤثر أفكار ألتوسير على فرقين من علماء الإجتماع المطورين أيضا لنظرية إعادة الإنتاج، ففي فرنسا طور كل من س. بودلو Beaudelot و.ر. إستابليت Establet، نظرية "الشبكتين" في التمدرس، فهناك ادعاء بأن المدرسة موحدة، ولكنها، في الواقع، تعمل على التقسيم، وعلى توزيع الشباب بين شبكتين متعارضتين تعكس الفصل الرأسمالي بين العمل اليدوي والعمل الفكري، بين المستغلين والمستغلين: شبكة ابتدائية مهنية وشبكة ثانوية عالية.
         أما في الولايات المتحدة، فقد مارست أفكار ألتوسير أيضا تأثيرات على نظرية "التطابق" التي طورها كل من S.Bowles س.بول، وH.Gintis جينتيس.
         إن وظيفة المدرسة في مجتمع رأسمالي، كما ينظران إليهما، أدنى من أن تنتج معارف وقدرات معرفية وسلوكات تقنية، بل إنها تنتج مواقف وسلوكات وقيما... أي قوة عمل قادرة على الخضوع للمقتضيات الهرمية لنظام الإنتاج.

الوثيقة رقم 3:  المدرسة والتنشئة والإدماج الإجتماعي
         التربية عامل للإدماج الإجتماعي، إن الأمر لا يتعلق هنا سوى بوظيفة طبيعية للتربية، ألا وهي وظيفة إعادة الإنتاج، إنها الخاصية المحافظة للتربية، غير أن التربية، تشكل، من حيث طبيعتها نفسها، عاملا من عوامل التطور ...
         تميل كل دولة إلى استعمال التعليم كعامل أساسي للمشروع السياسي العام . ففي اغلب الأمم الأوروبية، أصبح التمدرس الإجباري إلى سن 16 أو 18 مدعوا إلى جعل معظم الساكنة داخل الطاحونة الإجتماعية الموضوعة من طرف الطبقة السائدة.
         فالتربية عامل من عوامل الإدماج الإجتماعي من حيث منهجيتها: لأن العلاقة مجرس-متعلم هي النموذج الأمثل لعلاقات السلطة.
         والتربية عامل من عوالم الإدماج الإجتماعي من حيث مضمونها،  لأنها تشيع أساليب تفكير محافظة، أي قبول الخ=هرميات الإجتماعية القائمة ...
         والتربية عامل غدماج اجتماعي من حيث نتائجها، باستثناء نخبة قليلةن إنها تعمل إلى تحديد إمكانات الإختيار، وهو الأمر الذي يدعى بالتوجيه، والتربية عامل إدماج اجتماعي من خلال الأشخاص الذين يشرفون عليها ويقومون بها، فالإستقلالية التي يحظون بها في مهنتهم تخفي عنهم التبعية التي تربطهم بالنظام الإجتماعي.
                   وإذا كانت التربية، في العصر الحالي، محركا للإقتصاد، فهل من المقبول أن تبقى فقط كقوة إنتاجية وان يصبح التكوين مجرد غنتاج للسلع (الإنسان العامل)؟ مثل ذلك قابل للفهم في ظل مجتمع استهلاكي مؤسس على النخبة. فهذه التبعية لا يمكن قبولها كما لو كانت قدرا، إذ من الضروري الحفاظ على نوع من المسافة بين المشهد الإقتصادي والإجتماعي وبين النظام التربوي.
         غير أن ذلك لا يتأتى دون الوقوع في تناقض فالتربية تتحمل دورا اقتصاديا واجتماعيا، ومن هنا فهي تعاني من التبعية، وبحكم انفتاحها على العالم الخارجي ينبغي لها أن تنتقده وتتحمل انتقاداته في نفس الوقت ... ولذلك، فإنها مدعوة إلى عدم تجاهل التوترات الداخلية التي تعمل داخلها وأن تفسح لها المجال لتتحول إلى عنصر من عناصر التطور والتقدم.

الوثيقة رقم 4:  المدرسة والتغيير
         لأن المدرسة تعد من البنيات الأساسية للمجتمع، فينبغي إذن، النظر إلى كل تطور في عمل المدرسة .. على أنهه يمثل أيضا مساهمة هامة في تحول المجتمع ذاته، فهي تسمح، في الواقع، بتحرير الفرد من النسق الذي يوجد فيه ... وبتنمية ميولاته وقدراته ومواهبه، في انسجام مع استعداداته الخاصة.
        
         أما إذا تناولنا التغيير الذي تحدثه المدرسة على مستوى المجتمع، أو على بنياتها الخاصة، فمن المفيد الإشارة إلى المعيقات التي تعترض مهمة المدرسة تلك، وفي مقدمتها معيقات نابعة من المعايير والقواعد الإجتماعية القائمة، والمعيقات المرتبطة بثقل تأثير الآراء والمواقف، والأفكار النمطية، وأخيرا وبصورة أعمق المعيقات التي تنتجها بنيات السلطة، أساليب ممارستها.
         ينطوي معيق المعايير والقواعد على محتويات سوسيولوجية وسيكولوجية متصلة بفكرة النموذج الذي يشكل بدوره ممثلا للقيم ولأنماط السلوك والتفكير والمعتقدات (...) وبدون أن تجعل المردسة هذه النماذج المفروضة عليها، موضع السؤال، ينتهي الأمر بإقامة إشراط دائم للسلوكات وللتصرفات من خلال القوانين والممنوعات والتعليمات، والطقوس، والأاعراف.
                   وتلعب الآراء والمواقف والأفكار النمطية دورا مؤثرا على سلوك المتعلمين، فالري المتلقى دون تمحيص، يقود الطفل إلى التضبث بردات فعل أوتوماتيكية وإلى انخراط غير مبرر في الإعتقادات والقيم والمذاهب الثقافية والسياسية التي تترتب عنها مضاعفات على المدرسة ... وإذا لم تأخذ المدرسة حذرها إزاء ذلك، فإن الأضرار ستلحق بالإستقلالية الشخصية ...
                   ... تمتم هذه المعيقات والصعوبات الملازمة للنظام الإجتماعي القائم ... هل بإمكان المدرسة ان تغير ذاتها لتساهم في الوقت وبواسطة ذلك، في تغيير المجتمع؟ يمكن الجواب: اجل. ومن ثم تنفتح أمام المدرسة آفاقا وسبل متنوعة.
         ... ويمكن تركيز المشكل الخاص بالعلاقة بين المدرسة والمجتمع من جهة، حول مضاعفات البنيات الإقتصادية والإجتماعية على الوسط المدرسي والجامعي، ومن جهة ثانية حول البحث عن الوسائل الكفيلة بمواجهة معيقات السياق وحول البحث المستقبلي الذي يحدد بواقعية سل التحول الضروري.
الوثيقة رقم 5:المدرسة والحراك الإجتماعي:
         يشير محمد شرقاوي، إلى أن الحراك الإجتماعي فكرة قديمة، إذ كانت موضوع تفكير الرواد الأوائل لعلم الإجتماع مثل دوركهايم، وماركس، وسومبرات، وماكس فيبر، وسوروكين، لكنها بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت مجال أبحاث أمبريقية نسقية، وهو يرى أنه لا يمكن فصلها عن المناخ الإيديولوجي الذي ساد أوروبا، والمقصود بذلك الصراع، الذي دار بين التيارين الإيديولوجيين: الرأسمالية والإشتراكية، وهي قضية تدور حول أسئلة أساسية منها: هل يوجد حراك اجتماعي حقيقي في المجتمعات الصناعية؟ وهل يساهم النظام التعليمي على تدويب الفوارق الطبقية؟ وبصيغة أخرى، هل يساعد التعليم على القضاء على إعادة لا مساواة الحظوظ سواء إزاء التمدرس، أو على مستوى الإرث الإجتماعي؟ ام ان التعليم في البلدان الرأسمالية يعمق الفوارق الإجتماعية والثقافية ويعمل على إعادة إنتاجها؟ وبالتلي، هل تستفيد الطبقات العليا الهيمنة من التعليم في تطريس امتيازاتها وتفوقها، مقابل ضمان بعض المتطلبات الدنيا للطبقات المسحوقة؟ وإذا كان يوجد العكس، فأي حراك اجتماعي تحققه الفئات الضعيفة، وفـئات اخرى، وما هي طبيعته؟ وما مداه؟
         تنطبق الدراسات السوسيولوجية المهتمة بالحراك الإجتماعي، سواء بأمريكا او بفرنسا، من التسليم بوجود حراك اجتماعي في المجتمعات الصناعية المتقدمة عند مقارنتها بالمجتمعات التقليدية، ففي هذه المجتمعات الأخيرةن يتحقق التماثل بين البينات العائيلة والبنيات الإقتصادية، فالعائلة تعتبر وحدة تربوية وغنتاجية أساسية. هنا يرث الأبناء مهن آبائهم، ومن ثم فإن هذا المجتمع يجهل الحراك الإجتماعي، بينما يبلاحظ في المجتمعات الصناعيةن تفكك الأسرة كوحدة إنتاجية وتربوية نظرات لسيادة التصنيع. وما رافق هذا المسلسل من تغيرات، ومنها سيادة المدرسة، بشكل أدى إلى ان يصبح الفرد مكتسبا لمهنته نظرا لكفاءاته.
.        إن استعراض بعض نتائج هذه الأبحاث، لا يتاتى إلا بعد الإحاطة بتصور مفهوم الحراك الإجتماعي، وما يترتب عنه"فهو يتعلق باحتمالات الإلتحاق بمختلف المستويات المهنية حسب الصول الإجتماعية للأفراد"، وهذا يعني، ان دراسة الحراك الإجتماعهي، بقدر ما تفترض بحث الترتيبات الإجتماعية، فإنها تفترض أيضا دراسة بنية المهن، والتغيرات التي تلحق سوق الشغل، الشيء الذي يؤدي إبستيمولوجيا إلى تكامل وتظافر علمي الإقتصاد والإجتماع لدراسة هذه الظاهرة. وغذا كان الحراك يتربط أساسا بانتقال الأفراد عبر المواقع المهنية، فهذا فقد يقود إلى عدجم الفصل بين الحراك الإجتماعي وبين مسألة مساواة او لا مساواة الحظوظ. فالسوسيولوجيا الأمبريقية التي تهتم بمسألة لا مساواة الحظوظ والحراك الإجتماعي، تركز على فعالية الدراسات الميكروسوسيولوجية، أي تناول قرارات الأفراد وأفعالهم في إطار محيطهم الإجتماعي. اما الدراسات السوسيولوجية التي تنفي الحراك الإجتماعي، فهي تؤمن بأنه مجرد خدعة او أسطورة، تفرزها الإيديولوجيا المهيمنة في المجتمع الرأسمالي. فالقول بالحراك الإجتماعي، يفضي إلى التعتيم على التفاوتات الطبقية. فبورديو وباشرون مثلا، يؤكدان على أن التعليم يساهم ليس في الحراك فحسب، ولكن في تركيس التفاوتات وإعادة غنتاجها. فإذا كان يسمح لبعض الفئات بالحراك عن طريق انتقائهم من طبقتهم الدنيا مثلا، فإن هذا الحراك غير مسموح به بالنسبة لمجموع الطبقة. وبالفعل، فإت الإعتراف بالحراك الإجتماعي لدى هذان الباحثان معناه غياب علاقات القوى الطبقية، وبالتالي غياب مساهمة النظام التعليمي في إعادة إنتاج هذه العلاقات.
 المدرسة كعامل للإندماج الإجتماعي
         تميل كل دولة إلى توظيف التعليم كمكون أساسي من مكونات مشروعها السياسي العام...
         إن التربية، في عملها، تعد عاملا من عوامل الإندماج الإجتماعي: فالعلاقة التقليدية بين المدرس والمتعلم، تشكل النموذج الأبرز لعلاقات السلطة.        والتربية، في مضمونها، تمثل أيضا عاملا من عوامل الإندماج الإجتماعي.   





من إعدادقسم استراتيجيات التكوين

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ: موسوعة علوم التربية 2016 © سياسة الخصوصية تصميم : كن مدون